تقديم طرح عون للرئاسة للخروج من المأزق يواجه بإستياء ورفض شعبي من مختلف الإتجاهات
إدخال لبنان في سلسلة من الأزمات والمشاكل الكارثية المعقّدة
الهوّة الواسعة بين النائب ميشال عون وبين بقية اللبنانيين لم تعد تنفع معها كل محاولات التمسكن والاسترضاء والصمت المريب
يواجه تسويق طرح إنتخاب رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية كخيار «لا بدّ منه» بعد تعثر خيار انتخاب رئيس تيّار «المردة» النائب سليمان فرنجية معارضة واسعة، ليس من شرائح شعبية واسعة في تيّار «المستقبل» فحسب وإنما من أطراف حليفة في قوى الثامن من آذار والوسطيين ومن الناس العاديين غير المنتمين لأي حزب أو تيّار سياسي، كون هذا الطرح المرتكز على حل أزمة الفراغ الرئاسي المتواصلة منذ أكثر من سنتين، لن يؤدي إلى حل الأزمة السياسية التي يتخبّط فيها لبنان جرّاء تسلط «حزب الله» على اللبنانيين بسلاحه غير الشرعي منذ جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في العام 2005 وحتى اليوم، وإنما سيؤدي هذا الإنتخاب في حال حصوله إلى استيلاد سلسلة من الأزمات المعقد والصعبة والخطيرة وحتى الكارثية استناداً إلى سجل الممارسات السياسية والعسكرية والسلطوية السيئة والسوداوية للنائب ميشال عون وفريقه السياسي منذ تعيينه في منصب رئاسة الحكومة المؤقتة من قبل الرئيس أمين الجميل في العام 1988 وحتى اليوم ولذوبانه حتى النهاية بالتحالف مع النظامين السوري والإيراني واستعدائه المستحكم مع معظم الأطراف والقوى السياسية اللبنانية.
فمن خلال استعراض موجز لمراحل تسلم النائب ميشال عون للمسؤولية السياسية والسلطوية، وحتى الأمس القريب، يستحيل على المرء أن يسجل إنجازاً أو أي خطوة متواضعة، أو خطاً تقاربياً بإتجاه الأطراف الآخرين، في حين تطغى على تصرفاته وسلوكياته وخطبه السياسية روحية استعداء الآخرين والتصادم معهم وتحديهم بلا مبررات منطقية ورميهم بشتى الاتهامات المزيفة، الأمر الذي أوجد هوّة واسعة بينه وبين بقية اللبنانيين، لم تعد تنفع معها كل محاولات التمسكن والاسترضاء والصمت المريب التي يتمنطق بها في محو سجله الحافل بافتعال الحروب العبيثة والتهجير من عقول اللبنانيين، بالرغم من حملات التلميع الإعلامي المنتظمة والمنظمة للترويج لترشيحه للرئاسة وتقديمه عن سائر المرشحين الآخرين.
لا يقتصر الأمر عند هذا الحد، الأخطر من كل ذلك حملات التحريض الطائفي التي تحتل حيزاً كبيراً في مخاطبة جمهوره واستفزاز الطوائف الأخرى، حتى لا تخلو مناسبة سياسية أو اجتماعية الا ويخاطب فيها رئيس تكتل التغيير والإصلاح غرائز جمهوره ويحرك عصبياتهم الطائفية، تارة تحت مسميات حقوق المسيحيين وتارة أخرى مشاركتهم في السلطة، وأخيراً وليس آخراً أسلوب التحريض الطائفي الممنهج الذي يمارسه رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل في مخاطبة جمهوره بالداخل والخارج على حدٍ سواء، وهو أسلوب مبتذل ورخيص لتحريك مشاعر المؤيدين واجتذابهم إلى القيادة الجديدة المضعضعة نتيجة سوء الأداء والتعاطي وقلة ثقة المؤيدين لها، في حين يعلم القاصي والداني الأداء الطائفي الصرف الذي يمارسه الوزير باسيل شخصياً في إدارة شؤون وزارته الحالية والوزارة السابقة التي تولى شؤونها من قبل.
وبالطبع لن نتطرق هنا إلى الدعاوى القضائية التي اقيمت ضد النائب ميشال عون في قضايا الاستيلاء على الأموال والضرائب التي تولت جبايتها حكومته إبان تسلمه لمهمات رئاسة الحكومة بعد اخراجه بالقوة من قصر بعبدا في العام 1990، أو هدر مئات الملايين من الدولارات في وزارة الطاقة التي تولاه صهره الوزير جبران باسيل لسنوات عديدة من دون ان يحقق وعده المشهور للبنانيين بإعادة التيار الكهربائي لمدة 24 ساعة وإنما تردى وضع الكهرباء نحو الأسوأ كما هي عليه اليوم.
الأهم من كل ذلك، لا يمكن للمرء ان يجد في سجل رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» أي خطوة أو إنجاز أو عمل مهم ومقبول في أي حقل من الحقول العامة طوال مُـدّة تسلمه للمسؤولية والعمل السياسي، يُشجّع من خلاله ان يدعم ترشحه للرئاسة ويسابق غيره من المرشحين المطروحين، بل إن التمعن بهذه الوقائع السالفة الذكرة والتغاضي عنها في الوقت ذاته لتسهيل أو دفع وصوله إلى الرئاسة، ستؤدي إلى الزج بلبنان في أتون أزمة لا نهاية لها ليس لأن عون لا يتطابق مع الآخرين فحسب ولا لسوء إدارة المسؤولين بالتيار للسلطة وإنما لأن عون لا يتطابق مع نفسه بالذات، وهكذا وفي حال تمّ الانتخاب ينطبق على حال اللبنانيين المثل القائل «كالمستجير من الرمضاء بالنار».
».