خرج لبنان من عطلة الفصح الغربي، ليدخل معمعة الخلافات والتجاذبات حول ملفاته الامنية والسياسية الساخنة، التي لم يبردها الطقس العاصف، من الاجتماع المخصص لامن مطار بيروت الدولي، المطروح على جدول أعمال جلسة الخميس الحكومية الموعودة، مرورا بإمكان إنجاح الجولة الجديدة من الحوار الوطني، والتي ستتمحور حول الفرص المتاحة لإنهاء الشغور الرئاسي، مع كشف مصادر ديبلوماسية، أن موسكو وواشنطن توليان اهتماماً استثنائياً للانتخابات الرئاسية، على أن لا يمضي شهر نيسان أو أيار إلا ويكون هذا الفراغ قد ملىء، وصولا الى تفعيل عمل مجلسي الوزراء والنواب، حيث سيعنف الكباش بين الرئيس نبيه بري، الضاغط باتجاه الإفراج عن التشريع في البرلمان من باب زيارة بان وما تخللها من توقيع اتفاقات مساعدات للبنان، قافزا فوق ما كانت توافقت عليه معراب والرابية لجهة مقاطعة أي جلسة تشريعية ما لم يكن قانون الانتخاب البند الأول على جدول أعمالها.
وفيما لم يعرف حتى الساعة ما اذا كان سينعقد مجلس الوزراء هذا الأسبوع، خصوصا ان أي جلسة قد تشهد تصعيدا على خلفية زيارة الأمين العام للأمم المتحدة وموضوع النازحين السوريين وتحويلهم إلى لاجئين، وما أعقبها من مواقف على محور الرابية بكركي دفعت بالعماد ميشال عون الى مقاطعة قداس الفصح احتجاجا على لقاء الراعي- مون، وسجالات على جبهة التيار الوطني الحر -المستقبل، نتيجة تموضع «الشيخ سعد» الرئاسي الى جانب «البيك الزغرتاوي»، سجل دخول دبلوماسي على الخط لاول مرة حيث اعتبرت مصادر دبلوماسية انه «كان الأجدى بالوزير المعني ابلاغ هواجسه والتي يشاركه فيها لبنان الرسمي كله من دون استثناء، الى الامين العام للامم المتحدة عبر مذكرة يسلمه اياها، بدلا من المقاطعة واعلان موقف سلبي من الوفد الاممي عبر الاعلام، بخاصة ان موقفه ينعكس سلبا على سمعة لبنان في المجتمع الدولي سيما لدى الدول المانحة».
جلسة كانت اصلا ستتطرق الى قضية «متفجرة» عنوانها جهاز أمن الدولة التي لوّحت الأطراف المسيحية بـ«ردّ» ما لم تُبت بما يحفظ حقوق هذا الجهاز والذي يشهد صراع صلاحيات بين المدير ونائبه، وسط معلومات عن نجاح مرجع كبير في عقد «صلحة» بين الضابطين لتمرير فترة الستة اشهر الفاصلة عن تقاعد العميد محمد الطفيلي، في الوقت الذي تعكف فيه السراي، وفقا لمصادرها، على تحليل ما قاله بان للرئيسين بري وسلام ، لجهة الإهتمام الدولي بالأمن السياسي والإقتصادي والإستراتيجي للبنان، في حال اجادت بيروت التعامل مع الملفات المتفجرة في المنطقة، والا فالإحتمالات داهمة.
وبانتظار ما ستؤول إليه الأمور على صعيد تحركات الشارع ، يبدو ان باكورة تحركات القوات والتيار ستكون من النافعة في الدكوانة، بحسب مصادر متابعة، كتجربة تحضيرية لما سيليها، على خلفية تعيين محمود بركات، قريب احد مستشاري وزير الداخلية، رئيسا لمصلحة الشاحنات والأوتوبيس بدلا من بشارة جبران، احتجاجا على استمرار «مسلسل تهميش المسيحيين» الذي افتتحه وزير المال، بعدما فشل اجتماع الحزبين مع رئيسة المصلحة هدى سلوم في التوصل إلى نتائج ايجابية، رغم استمرار قنوات التواصل مفتوحة مع الوزير المشنوق.
مصادر مقربة من الفريقين اكدت ان سقف التصعيد مفتوح على كل الاحتمالات، وتساءلت أوساط متابعة حول إذا ما كان هذا التصعيد سيطال موضوع رئاسة الجمهورية أم أن تهديد النائب سليمان فرنجية لناحية حضور جلسة الإنتخاب في حال استخدم الشارع قد أعطى مفعوله، كما الضغط الذي يمارسه حزب الله والقوات لثني عون عن التحرك رئاسيا في الشارع، في ظل ما جرى تداوله عن رغبة في تقريب موعد جلسة انتخاب الرئيس المقررة في 18 نيسان إلى الخميس في 14 أو الجمعة في 15 نيسان، مسجلة ان المناصفة في التعيينات تطال المراكز في الفئات الأولى وليس كل وظائف الدولة وتساءلت عن الهدف الحقيقي من الدعوة لهكذا تحرك.
هكذا يمكن وصف الوضع الحالي والمقبل في لبنان، ذلك أن كل الاستحقاقات والحسابات والرهانات على عنصر ما، أو حدث ما، أو تطور ما قادر على تغيير الجمود وتحقيق خرق في الجدار القائم فشلت، في موازاة بازار أمني مفتوح على تسويق سيناريوهات بلغت ذروتها مع تضخيم بعض الحوادث واعطائها أبعادا دراماتكية، خاصة بعد هجوم بعض المسلحين من الجانب السوري على برج مراقبة للجيش اللبناني في بلدة حنيدر الحدودية في وادي خالد قرب الحدود مع حمص، اضافة الى المعلومات المنتشرة لكن غير المؤكدة عن سيارات مفخخة دخلت أو تستعد للدخول الى لبنان، فيما عين الجيش تراقب الاشتباكات الدائرة بين «داعش» و«النصرة» على طول الحدود الشرقية، وسط تأكيد المراجع الامنية ان لا شيء يستدعي الهلع .
اما في المقلب الامني الآخر فان فصول «الانترنت» غير الشرعي تتوالى، وآخر معطياتها النزاع بين ما هو شرعي وغير شرعي، وعلاقته بالتكلفة ونوعية الخدمة، طارحة السؤال الكبير حول من كان يحمي «الانترنت» غير الشرعي طوال هذه المدة، ومدى الجدية الرسمية في فتح ملف التهريب المحمي والمغطى من جهات مجهولة معلومة.
حدث جديد بدأ يطل بأنفه على مسرح السجال غير المباشر على مواقع التواصل الاجتماعي. تغريدات يتقدم صفوفها زعيم «التقدمي» النائب وليد جنبلاط حول ترشيح لبنان لمنصب المدير العام لمنظمة اليونيسكو. ما بين الاشارات والتلميحات والتسميات، دارت التغريدات، إما دعما للوزير السابق غسان سلامة واما انتقادا لتبني الحكومة ترشيح فيرا خوري. جدل لبناني مفتوح من خارج جدول الأعمال السياسي، لكن نقاشاته تقتصر حتى الآن على صفحات التواصل الاجتماعي أو الصالونات السياسية، من دون ان تخرج على المكشوف. فهل ستحسن الحكومة ادارة المسألة كي لا تطير الفرصة الثمينة من يد لبنان؟