لحلب اطفال ليسوا كالاطفال، لحلب اطفال يبتدعون مضادات جوية بدائية لإسقاط اكثر الطائرات الحربية تطورا، ولحلب اطفال يؤازرون ثوارها، واهل يقفون متماسكين مهما اشتد القصف والقتل والحصار والخناق. لم يصدق اطفال سوريا الرواية السخيفة التي تقول ان «الطفل الذي يكبر في الحرب يصبح مجرما». لا طفل يحب الحرب ويعتاد على رائحة الجثث وصور وجوه القتلى المشوهة بالصواريخ، بل هناك طفل ولد وكبر في ظل نظام خانق لأي نفس خارج سربه، يهدد ويقتل كل من يخرج عن طاعته، واستعان بشتى مرتزقة الكون لقتل معارضيه والبقاء على عرشه، هذا الطفل السوري لا يمكن ان يتجرد من ثورته الفطرية، وحتى في اقسى الظروف واخطرها ظهرت مقاطع مسجلة وصور على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر اطفال حلب يقومون بجمع الدواليب وحرقها لحجب الرؤية واعاقة حركة الطيران الروسي الذي يقصف المدن الثائرة في وجه غطرسة النظام وإجرامه.
يومان من المعارك الضارية والمباغتة التي تدور في المنطقة الفاصلة ما بين مناطق نفوذ المعارضة ومناطق نفوذ النظام، باتت على وشك خرق جدار الحصار المطبق على شرقي حلب منذ اكثر من سنة. تقدم استراتيجي ملحوظ ومفاجىء للجيش الحر والجماعات الاسلامية اجبرت عناصر قوات النظام و«حزب الله» على التراجع. فلم تنفع مع نظام الاسد كل جحافل المقاتلين المرتزقة من خارج الحدود، ولم يشفع له تدخل الايرانيين بكل قواهم العسكرية، لا روسيا ولا اسلحة جوية ولا سوخوي تمكنت من احراز اي انتكاسة لخطة هجوم المعارضة. هنا ثورة شعب يمكن ان تحول دولاب سيارة مهترئ الى سلاح فتاك يوصل الى الهدف ويسقط اهم طائرات سلاح الجو الروسي بعد اعاقة عملها متحدّين القرار الدولي بحظر الاسلحة المضادة للطيران على المعارضة.
ومن الارض الى تويتر انتقلت «ملحمة حلب الكبرى» الافتراضية بوتيرة لا تقل ضراوة عن الحقيقية وسط غياب تام للناشطين الداعمين لنظام الاسد و«حزب الله»، حيث احرز الهاشتاغ مركزا عالميا متقدما تضامنا مع حلب، وكان اول المغردين الرئيس سعد الحريري مؤكدا ان حلب ستبقى لاهلها «حلب لن تسقط في ايادي المرتزقة! ابطالها… اطفالها». اما الناشطة لارا صقر فسألت في تغريدتها «ومن قال ان اسقاط الطائرة ليس بمهمة انسانية؟ #حلب_تتحرر #ملحمة_حلب_الكبرى». مصطفى حمام علق على توحد جماعات الثورة خلال معركة حلب مؤكدا ان في الاتحاد قوة وكتب «حلب وحدت الثوار وها هي ثورة سوريا تتكلم حلبي في #ملحمة_حلب_الكبرى». وكان هادي جعفر الاكثر تعبيرا في تغريدته الموجهة للمدافعين عن النظام السوري «طفل الدولاب وعده صادق #ملحمة_حلب_الكبرى». طارق ابو صالح توجه ايضا الى «حزب الله» مؤكداً جدوى ارادة الشعب في تحرير الارض بالقول «المعادلة الثلاثية في حلب «ثوار شعب ودواليب» #ملحمة_حلب_الكبرى». اما اسامة ضناوي فقد اختار التعليق على المعارك باستهزاء وكتب «نات شور ايف هي معركة كسر الحصار عن حلب او كسر رؤوس». وعلّق الصحافي علي الامين «المجد ان تموت دفاعا عن ارضك… حلب لأهلها».
في حلب الكل يحارب حسب قدراته، كلهم ثائرون، ولهؤلاء الثوار، الكل مدين لهم بالكثير، للذين يحاربون على الجبهات، ولهؤلاء الذين يقفون بعيدين عنها في اجسادهم فعليا، وفي قلبها افتراضيا. محاربون، اطفال ونساء وشيوخ محاصرون، مغامرون اتخذوا من الثورة السورية قضية حياة، مغردون، ناشطون، تعاطفوا مع الثورة السورية، احبوا ثوارها حتما، ولكن احبوا ايضا الثورة التي ولدت في داخلهم من اجلها، فحلب يفك حصارها اليوم، لانهم كلهم موجودون.