أحال واقع الجسد العربي المريض المصاب في هشاشة هيكله العظمي الدول العربية الى جسد مُسجّى. فالأزمات العربية المتلاحقة عرّت الحقيقة البعيدة عن منظومة دول عربية، بل هي أقرب لمؤسسات حاكمة تنطلق من الدولة المتعمقة جذورها لحماية المؤسسة، تلك الدولة العميقة المنفرة لبيئة المؤسسات المدنية التي وإن وجدت لا تعدو كونها مسلوبة الإرادة .
الشباب العربي له رأي آخر غير مسموع، وتكمن الإشكالية في أزمة الثقة بين الإدارة الهرمة المتحفظة جداً والإدارة الحديثة الشابة المنفتحة جدا.
حتى نسمّي الأشياء بمسمّياتها ونضع النقاط على الحروف من دون الولوج الى نظريات المؤامرة وسلب المؤسسات الحاكمة إرادة القرار، لابد من مناقشتها في أفق عربي عربي، في ملمح لواقع الجسد العربي. الآن نجد حروباً طاحنة بين أيديولوجيات نارها لا منتهى لها ولا منتصراً حقيقياً فيها، سببت ضبابية للرؤية لا تبشّر بإشراق لشمس الغد القريب.
أجزاء أخرى من الجسد العربي ما تزال غائبة في منظور التنمية الحقيقية البشرية أو التنموية المدنية، فما زال رغم الإطار الديموقراطي إلا أنه أبعد عن الديموقراطية في كل شيء، بل أفرغ الديموقراطية من محتواها ولم يبقَ منها سوى الشكل العام الممارس عند الحاجة التي تكون أبعد عن المصلحة الوطنية ، وهناك الأطراف الأخرى الأحوج الى إعادة هيكلتها لفهم ما يجري، وما تريد هي وما يُراد منها.
هذا واقع الجسد العربي الذي لا يعترف بوجود وباء منتشر يُسبّب الهشاشة للهيكل العظمي، وللوقاية منه لابد من وحدة العمل الوطني نحو تفعيل للشباب والمشاركة الحقيقية لعقد من الزمن يبدأ من اليوم وفق خطوط عريضة منها :
– أهمية تفعيل حقيقي للمؤسسات المدنية.
– إعادة تفعيل الجامعات لفهم الأجيال للعمل المؤسساتي المدني.
– إعادة الإنتخابات الجامعية لتكون نواة حقيقية للممارسة الديموقراطية.
– العمل على وحدة الوطن تراباً وهوية والترفّع عن الفئويات والتلوينات.
– إقرار الحريات المنظمة للعمل الإيجابي فكراً وبناءً وطنياً.
– التحقيق العادل للتنمية الوطنية لجميع الولايات /المناطق والتنمية في البشر قبل الحجر.
– إلزام المؤسسات الدينية بتصحيح الخطاب الديني والتخلص من المذهبيات المثيرة للفتنة بعقد ورش عمل بين الأقطاب الدينية لفهم الآخر والخروج بخطاب وطني واحد.
– النظر لغدٍ أكثر إشراقاً لا يكمن في التمني بل بالشراكة الحقيقية في الرأي.
– المواطنة الحقة أن تكون لسان حال وطنك وتكون معوّل بناء لا هدم، لنعمل حتى يُشفى الجسد العربي المريض مما يعاني منه وصرنا نعاني منه.