Site icon IMLebanon

وباء إسمه التشاؤم  

يدهش إصرار البعض على النعيق والبكاء والإستبكاء، والصراخ والعويل، و«عدم البسمة حتى للرغيف الساخن» كما يقول مثلنا اللبناني السائر.

إنهم في كل مكان. في المكاتب والمصانع. في المطاعم والمقاهي، في السيارات وعلى الرصيف!

ويلك إذا قلت لأحدهم: الدنيا بخير… فكأنك أسأت اليه والى أصوله وفصوله… فينتفض ويصرخ في وجهك: من وين الخير؟ ما بتشوفو يا جماعة؟ انتو وين عايشين حتى تحكي عن الخير؟ ما في إلاّ الويل!

وويلك إذا قلت، في معرض كلامك: الحمدلله! فتثور ثائرته ويزعق: ما حدا مطمّع ربنا فينا غير هالحكي! الدنيي خرباني… والناس جوعاني…

وويلك ثم ويلك إذا قلت: يا أخي شوف البلد كيف إنتقل من حال الى حال! وين كنّا ووين صرنا؟!. فيأخذ على خاطره لأنك تواجهه بحقيقة يعمى عنها… وترتفع عقيرته: إيه، وين كنّا وين صرنا؟!. بعدنا محلّنا… ما تقدمنا ولا خطوة، ويمكن رجعنا الى الوراء. يعني شو تغيّر إذا وصل رئيس جمهورية وانتهى الفراغ… مش شايف انو ما تغيّر شي؟! ليش ما بدكن تشوفو الحقيقة. بعدنا مطرحك يا واقف… هيدي هي الحقيقة واللي مش عاجبو يدق راسو بالحيط.

وهنا تحاول أن تشرح له المتغيرات الإيجابية الكثيرة التي حفل بها البلد، وكيف إنتهى الفراغ الرئاسي، وبات في سدة الرئاسة الجنرال ميشال عون الذي استقطب التأييد في الداخل والدعم الخارجي من المتناقضات والأضداد الداخليين والإقليميين والدوليين… وأمام ما تسترسل في سرده من وقائع  إيجابية يخفت صوته قليلاً ولكنه يصر على سلبيته، ويسألك بغضب وبلاهة: طيب، وأنا شو جاييني؟!. فتشرح لهذا البني آدم إن العملية ليست ما يجيء لهذا الفرد أو لذاك الشخص، إنما هو المردود على الوطن كله، وإستعادة دوره وحضوره ورسالته في الإقليم والعالم… فيهزأ من كلامك، ثم ينفجر غاضباً: يا أخي ليش بدّك تغسللي دماغي؟..هيك أنا شايف وما في شيء بهالدني بيغيرلي رأيي!

من أسف أن البني آدم المشار اليه أعلاه هو أنموذج عن كثيرين بينهم الإعلامي والنائب والمصرفي والإقتصادي والتاجر (…) من الذين لا يرون الى هذه الدنيا سوى بمنظار أسود، والذين ألفوا التشاؤم وأنِسُوا الى السلبيات، ولم يعودوا يجدون أنفسهم إلاّ في هذا الحيّز الأسود.

وكما قلنا آنفاً إن هؤلاء موجودون في كل مكان، وبالتالي فإن خطرهم لا يقل عن أخطار الإرهابيين والمخرِّبين، حتى وإن كانت نيات بعضهم سليمة… ولكن قبل هذا وذاك، إن هؤلاء مصابون بمرض سوداوي… بل هو وباء كونه يمثل جرثومة تنقل العدوى لضعاف النفوس!