IMLebanon

المعادلة سهلة وبسيطة…  لماذا الاستغراب إذن؟!

ليس من حقّ عاقل في المنطقة العربية أن يصاب بالدهشة والاستغراب من قيام أربع مقاتلات أميركية مزوّدة بأفتك الأسلحة بقصف مركّز على موقع للجيش السوري في دير الزور أوقع الكثير من الضحايا في صفوفه، وأزاح عن الأرض موقعاً صامداً بشراسة لسنوات ضد الغزوة الداعشية! والقصة برمتها لا تحتاج الى ايضاح أو تفسير… ذلك ان الشهوة والشهيّة الأميركية كانتا طاغيتين منذ البداية لدى واشنطن والصهيونية العالمية، لارسال قوات أميركية كثيفة لغزو سوريا مباشرة، وحلّ جيشها، وتعيين حاكم عسكري أميركي لها، على غرار ما فعلت في العراق وحاكمها الأميركي بول بريمر… وتدخلت روسيا في حينه لوقف هذا الجنون الذي ربما كان يهدّد بانفجار عالمي، بتقديم رشوة لأميركا تنقذ ماء وجهها، من خلال تسليم ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية، واتلافها، للتراجع عن الغزو الكارثي لسوريا.

ستكشف وثائق التاريخ مستقبلا – وبعضها كشف فعلاً – كيف نجحت حفنة من الارهابيين التكفيريين بغزو الموصل تحت علم داعش، وكيف تمدّدت في زمن قياسي في قصره، على مساحات شاسعة من العراق وسوريا، تحت أنظار أميركا وسمعها وحواسها الخمس كافة! وكانت المعادلة الأميركية بسيطة وسهلة في آن… بسيطة لأن المعادلة كانت تقول: لا تقاتلوا اسرائيل بل قاتلوا بعضكم بعضاً! وكانت سهلة، لأن العقل العربي الحاكم في الأنظمة العربية أو غالبيتها، هو مثل اسفنجة الكترونية من صنع أميركي، ومصممة على أساس امتصاص الكراهية والأحقاد والعنف والتطرّف، وليست لديها أية قابلية لامتصاص عصارة العقل والحكمة والتبصّر والمصلحة القومية!

في الموقف الروسي، كلام كثير يقال، لا سيما وأن الروس لدغوا من الجحر الأميركي أكثر من مرّة واحدة، بل مراراً، وفي كل مرة يقولون انهم تعلموا الدرس! لا يغيب عن بال الروس طبعاً، ان أميركا تريد أن تجعل من سوريا ومن الشرق الأوسط، افغانستان أخرى يغرق فيها الروس ويزول اتحادهم، على غرار أسلافهم السوفيات وسقوط امبراطوريتهم انطلاقاً من افغانستان! ولكن ما من عربي عاقل يحق له أن يوجّه الملامة الى الروس، قبل أن يوجهها الى العرب أنفسهم أنظمة وشعوبا! وهل المطلوب من الروس أن يكونوا عرباً أكثر من العرب أنفسهم؟ وأن يحافظوا على أنظمتهم المهترئة أكثر مما يحافظ عليها قادة تلك الأنظمة أنفسهم؟!