مع فوز بنيامين نتنياهو في الانتخابات الإسرائيلية، تتجه الأنظار إلى ما سيكون عليه أداء إسرائيل في المنطقة وانعكاسات ذلك على الملفات المفتوحة.
وتفيد مصادر ديبلوماسية بأن عودة نتنياهو تعني عودة اليمين المتطرف، وانهيار جهود السلام، وعدم الالتزام بحلّ الدولتين وهو ما عبّر عنه فور فوزه بأنه لن تكون هناك دولة فلسطينية.
الآن، أمام نتنياهو تشكيل حكومته. ولذلك، إن الانتظار مهم لمعرفة البيان الذي على أساسه ستأخذ الحكومة الثقة في البرلمان. فقد ذهب هو قبل الانتخابات إلى اليمين المتطرف، وبالتالي، عليه أن يعطي أمام من انتخبوه في هذا المجال.
بالنسبة إلى لبنان، فإن نتنياهو يراه من منظار رؤيته لـ»حزب الله»، إنما ليس لديه مصلحة سوى بالقرار 1701. كل الأفرقاء قد تكون تحضِّر لأي حرب، لكنّ أياً منها لا يريد أن يكون المسبب لها. الوضع في الجنوب مستقر وكل المؤشرات تدل على أن «الستاتيكو» سيتم الحفاظ عليه، إذ ليس في الأمر ضرر على إسرائيل. على العكس هذا ما يناسبها، ولكي يتغير الوضع في الجنوب يجب أن تتغير القواعد التي ترعى هذا الوضع، الأمر الذي لن يحصل في المدى المنظور. وعلى الرغم من المرحلة الدقيقة التي مر بها تنفيذ القرار 1701، إلا أن أي فريق معني به لم يقل إنه لا يريد الالتزام به، أو لم يفعل ذلك. عدوان إسرائيل على موكبي «حزب الله» وإيران في 28 كانون الثاني الماضي لم يكن في الجنوب، والرد لم يكن من الأراضي التابعة لولاية القرار 1701، فضلاً عن ذلك إن البيان الرئاسي الأخير عن مجلس الأمن أعاد التأكيد على القرار 1701 بكل مندرجاته لا سيما التطلع إلى التحول من وقف الأعمال العدائية إلى وقف إطلاق النار.
في مسألة التفاوض النووي الإيراني، يتبين وفق المصادر، أن نتنياهو لم يتمكن من وقف التفاوض الغربي مع طهران. وكل الأطراف المعنية بالمسألة لديها مصلحة بالاتفاق، ونهاية هذا الشهر ستكون الصورة أوضح.
كذلك هناك موضوع آخر مرتبط بنتائج الانتخابات الإسرائيلية، وبالعلاقات الأميركية الإسرائيلية، وهو السلام في الشرق الأوسط، في المدة الأخيرة لجأت واشنطن إلى ثلاثة أمور: أولها حق الفيتو على طلب عضوية فلسطين في الأمم المتحدة. كما أنها عارضت أن تكون فلسطين عضواً مراقباً لكنها أخذته على الرغم من ذلك، فضلاً عن أن مشروع القرار حول الحل النهائي الذي قدم إلى مجلس الأمن في كانون الأول الماضي سقط.
لكن في حال ضغطت الإدارة الأميركية على نتنياهو في اتجاه عدم العرقلة، يعني أن إنجازات ستتحقق تصب في خانة الفلسطينيين مباشرة، ما يعني إمكان حصول قرار عن مجلس الأمن وآلية لترجمته. التعاون الأميركي الإسرائيلي لن يتوقف في ظل عودة نتنياهو، إنما الإدارة الأميركية تخطط لمدى سنتين. الآن هناك سنة، أي الحالية، يمكن للرئيس الأميركي باراك أوباما وهو لم يعد مرشحاً لولاية ثالثة، أن يتخذ خطوات كبيرة قبل الوصول إلى السنة الأخيرة من حكمه التي ستسبق الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني من سنة 2016. المهم الآن، إلى أي مدى سيدعمه الحزب الجمهوري في خطوات في اتجاه الحل الفلسطيني الإسرائيلي؟
وتؤكد المصادر أنه إذا كان لا بد من تحرك أوباما لضمان فاعلية حكمه، في هذا الشأن، فإن أوان التحرك هو الآن، والتوقيت الآن هو الأكثر ملاءمة، لأنه كلما تأخر كلما انعدمت حظوظ التحرك ونجاحه، مع الإشارة إلى أنه ما من مرة كانت حظوظ السلام قوية، إلا بعد ضغوط أميركية مورست على الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي. التوقيت الأمثل للضغط هو الآن، لكن المهم تجاوب نتنياهو الذي أكد فوزه أنه ذهب إلى أقصى اليمين ويصعب عليه التراجع، كما يصعب عليه التقدم.
أي أنه كلما اقتربت الاستحقاقات التي وعد بها، بعد تشكيل الحكومة كلما ازداد عليه الضغط لتسديد التزاماته، مع من أوصله إلى الفوز. وليس هناك من مرة كانت فيها إسرائيل مندفعة نحو السلام في المنطقة. والآن هناك حلاّن: إما قوة الفرض من واشنطن على إسرائيل لمعاودة التفاوض، وهذا ما تمت تجربته من خلال مسعى وزير الخارجية جون كيري قبل مدة، وإما عبر مجلس الأمن الدولي. واشنطن حالياً قد لا تكون لها مصلحة في عرقلة أي مبادرة فرنسية أوروبية في مجلس الأمن حول السلام، إنما الوضع مفتوح على كل الاحتمالات، لأن أي تحرك غير مضمون.
الولايات المتحدة تمنّت على الفلسطينيين قبل الانتخابات الإسرائيلية، ألا يلجأوا إلى أي تحرك أو ضغط على أساس أن نتنياهو قد لا يفوز. حالياً لم يعد الفلسطيني واقعاً تحت ضغط الانتظار ولا لدى واشنطن مصلحة في الانتظار. هناك إلحاح لفعل شيء ما قبل أن تصبح العملية السلمية فرصة ضائعة.
هناك إمكانية لصوغ مشروع قرار أوروبي مبني على مشروع القرار الفرنسي الذي قدم في كانون الأول الماضي، والسير به، المرحلة الفاصلة عن حصول اتفاق نووي وانعكاساته على ملفات المنطقة حاسمة. السيناريو الذي يتم السعي أميركياً للعمل عليه هو لما بعد الاتفاق النووي، أن يصار إلى السعي لحيادية دور إيران في المنطقة، فتتم تهدئة «حماس» في فلسطين، وتهدئة أوضاع الجنوب اللبناني ودور «حزب الله»، بعد ذلك يتم تحريك عملية السلام بشكل هادئ. الآن تتم إشاعة أجواء إيجابية من قبل واشنطن وطهران حول قرب التوصل إلى اتفاق، ومن مصلحة الطرفين اللجوء إلى هذه الطريقة أثناء الأيام الأخيرة للتفاوض، ما يضفي على المنطقة أجواء ارتياح. لكن ذلك في الوقت نفسه يرفع عنهما المسؤولية في حال لم يتوصلا إلى الاتفاق.