IMLebanon

معادلة الشغور الرئاسي  وأسئلة لنقاش المسلّمات

الرئاسة ليست على جدول الأعمال في الموعد المضروب لمعاودة الحوار يوم الخامس من أيلول المقبل. ولا شيء يوحي أن الفشل لن يصاحب ملء الوقت الضائع على لبنان بما هو منسي وغير ملحّ منذ ربع قرن: البحث في انشاء مجلس شيوخ لاصلاحات محددة له ولا قانون لانتخابه، ينضم الى مجلس نيابي لا يزال الاتفاق على قانون انتخاب له ضمن القيد الطائفي مهمة مستحيلة، ويستسهل البعض الاتفاق سريعاً على قانون انتخاب خارج القيد الطائفي. فالرئاسة مؤسسة لا مجرد شخص. والحديث عن ترتيب مشاريع واتفاقات لتسهيل عمل الرئيس، بدل اعطاء الأولوية القصوى لانتخاب الرئيس الذي له رأي مهمّ في كل شيء وموقف يحافظ على التوازن في ادارة السلطة، هو تصغير غير مباشر لدور مؤسسة الرئاسة.

ذلك ان المعادلة المتحكمة بملء الشغور الرئاسي ثابتة حتى اشعار آخر في مواقف طرفي الانقسام: كل طرف لديه مرشح لا يستطيع ايصاله الى قصر بعبدا ولا يريد التخلي عنه مهما طال الزمن ودقّت ساعة الحاجة الى رئيس توافقي. والمعنى البسيط لذلك ان الشغور الرئاسي الذي هو سياسة لا مجرد عجز، جزء من إلغاء السياسة.

وليس أخطر من الفراغ سوى التكيف معه كأنه قدر لا يرد، فضلاً عن تكرار مقولات كأنها مسلّمات من دون نقاش. من ربط الاستحقاق الرئاسي بما تنتهي اليه حرب سوريا أو أقله بحوار سعودي – ايراني الى ربط الوضع اللبناني كله بالتطورات الاقليمية. ومن القول إن الرئاسة ورقة في يد طهران لن تبيعها الا للرئيس الأميركي القادم الى القول إن البازار في سوريا ولبنان سيكون بين الرئيس فلاديمير بوتين والرئيس باراك اوباما في الاشهر الأخيرة الباقية من ولاية اوباما. طبعاً مع طموح بوتين الى ربط التفاهم في سوريا بالتفاهم على تسوية الخلاف في اوكرانيا.

والسؤال هو: لماذا يؤخر الطرف الذي يقول انه في المحور المنتصر انتخاب مرشح من حلفائه تبناه من هم في المحور الآخر؟ ما معنى انتظار التطورات الاقليمية لاعادة تكوين السلطة في لبنان على ضوئها، ما دام الوطن الصغير تجاوز حرباً طويلة وعاصر متغيرات الربيع العربي من دون تغيير جذري في نظامه وتوازناته؟ وكيف يمكن تصور اميركا تدفع لايران ثمن رئيس للبنان هو من حصة طهران ودمشق، بدل تصور العكس؟

من الصعب استمرار الهرب من النقاش بحثاً عن اجوبة واقعية لا خيالية. والخطير هو استمرار التفرج على انهيار البلد كأننا نرى مسرحية عن بلد آخر، وكأن التركيبة السياسية تعمل على مسرح لا في بلد. والأخطر هو ان نستمر في الرهان على الآخرين لاخراجنا من المأزق الذي معظمه من صنع التركيبة السياسية.