IMLebanon

أردوغان يسجن تركيا!

ماذا يعني إلقاء القبض على ٢٦ إعلامياً وسوقهم الى السجن بتهمة تهديد الأمن القومي؟

بالنسبة الى رجب طيب اردوغان، الذي تقول المعارضة التركية انه مصاب بجنون العظمة، اعتقالهم لا يعني شيئاً، إنه مجرد قرار ضروري لمعالجة تفاصيل صغيرة مزعجة يجب كَنسها الى الظل.

ليس في هذا أي مبالغة. فعندما يقف اردوغان امام قصره المثير للجدل والانتقاد ويخطب قائلاً: “تنتقد المعارضة المقر الرئاسي الجديد، لكن اسمحوا لي ان أقول لكم انه يضم ما لا يقل عن ١١٥٠ غرفة وليس ألف غرفة كما يزعمون”، يصبح واضحاً ان لا قيمة عند الباب العالي والسلطان العثماني الجديد، لكل هذه الاعتراضات التي صدرت بعد سجن الاعلاميين.

لهذا لم يكن مفاجئاً ان يهاجم اردوغان دول الاتحاد الأوروبي بالقول: “ليس عليكم سوى الاهتمام بشؤونكم الداخلية… هذه العناصر تهدد أمننا القومي”. وكانت فيديريكا موغيريني مسؤولة العلاقات الخارجية الأوروبية وصفت الاعتقالات بأنها لا تتلاءم مع حرية الإعلام، التي هي اساس الديموقراطية، وتعدّ انتهاكاً للقيم الأوروبية.

كل القرارات التي اتّخذها اردوغان منذ عام ٢٠٠٣، تؤكد انه لا يرى في الديموقراطية أكثر من هرطقة غربية، وما دام يعود دائماً الى ذريعة الأمن القومي ففي وسع الديموقراطية ان تتنحى جانباً، فلا هو مستعجل للحصول على العضوية ولا الأوروبيون يريدونه سلطاناً طاووسياً بينهم.

في ١٧ كانون الأول من العام الماضي إنفجر التحقيق حول فضيحة الفساد التي أدّت الى اعتقال عشرات من رجال الاعمال والسياسيين، بينهم أبناء وزراء في حكومة اردوغان الذي كان رئيساً للوزراء آنذاك، لكنه لم يتردد في تعطيل القضاء فأوقف التحقيق من خلال عزل آلاف من رجال الشرطة وعدد من القضاة، ثم دفع البرلمان الى إقرار قوانين تعزز رقابة الدولة على الجسم القضائي وعلى الانترنت.

بالتأكيد يرى اردوغان ان بيان الخارجية الاميركية الذي دعاه “كصديق وحليف” الى عدم انتهاك القيم الجوهرية للديموقراطية، وقاحة تذكرنا بما قاله عن وقاحة جو بايدن الذي زار أنقره ودعاه الى التدخّل لمساندة كوباني ضد “داعش”.

عندما يندد الكاتب التركي اورهان باموك الحائز جائزة نوبل، بأجواء الخوف السائدة في تركيا لأن “حرية التعبير تدنت الى الحضيض”، يصبح الخوف الاوروبي من تراجع الديموقراطية في تركيا هامشياً، لكن باموك مثل كثيرين في المعارضة التركية يتّهم اردوغان بالتسلط والانحراف المتسارع نحو تيار اسلامي متشدد.

اردوغان لا يريد تحطيم “تويتر” و”فايسبوك” و”يو تيوب” فحسب لأنها “تصدّع العائلات”، بل يعارض مساواة المرأة بالرجل لأن “وظيفة المرأة الأمومة”، ولا يتوانى عن تعميم الكراهية بالقول إن “الغرب يكره المسلمين ويريدوننا امواتاً”، وهو ما لم يقله العثمانيون في عزّهم!