سألتُ المسؤول العتيق في منظمة يهوديّة أميركيّة تتولّى من زمان الدفاع رسميّاً عن مصالح إسرائيل داخل أميركا عن سياستها بل عن مواقفها من الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة، أجاب: “أولاً لا تُعطي هذه المنظمة رأياً رسميّاً في الرئاسيّات الأميركيّة. وثانياً يُعترف لنتنياهو ومن زمان بحبّه أو بالأحرى بتعاطفه مع الحزب الجمهوري. السفير الإسرائيلي في واشنطن اليوم كان من أركان الحزب الجمهوري في فلوريدا. لكن في الانتخابات يسمع الإسرائيليّون ويهود أميركا المرشّح الجمهوري دونالد ترامب يقول أنه محايد (Newtral) في موضوع إسرائيل. ويسمعونه مرّة أخرى في خطابه أمام منظمة “إيباك” في حفلها السنوي يقول أنه يحبّ إسرائيل. لذلك فإنهم يتساءلون ماذا يقول غداً أو بعد غد، أو ماذا سيكون موقفه الثالث أو الرابع من إسرائيل؟ أنا أعتقد أن اليهود الأميركيّين سيختارون بين ترامب ومنافسته الديموقراطيّة هيلاري كلينتون هذه الأخيرة”. سألتُ: ماذا سيكون موقف اليهود الأميركيّين و”إيباك” من المرشّح الجمهوري الأخير تيد كروز إذا أكمل منافسته لترامب حتى المؤتمر الجمهوري الذي يسمّي مرشّحه الرئاسي الرسمي (انسحب أخيراً بعد خسارته ولاية إنديانا)؟ أجاب: “أنا كوسطي (Centrist) كما كل الذين مثلي من يهود أميركا نفضّل هيلاري كلينتون”. سألتُ: ماذا عن العلاقات بين إسرائيل والدول العربيّة التي يتردّد كثيراً في واشنطن هذه الأيام أنها تتحسّن باطّراد؟ وماذا عن السلام الذي لا يزال مفقوداً بينها وبين الفلسطينيّين ومع العرب إجمالاً؟ أجاب: “كما قُلت أنت عملية السلام ماتت. هناك حرب أو حروب طاحنة في المنطقة الآن. وفي إسرائيل السيطرة حالياً لليمين واليمين المتطرّف. وسياستهما الفلسطينيّة والعربيّة معروفة. في فلسطين أي في الضفّة الغربيّة هناك محمود عباس والسلطة الوطنيّة الفلسطينيّة التي يترأّس. وهو لم يعد محاوراً ولا شريكاً فعليّاً ليس فقط لأن إسرائيل لا تريد شريكاً كهذا كما يقول العرب، بل لأنه صار ضعيفاً ولا يمثِّل أحداً. و”حماس” مُمسكة بغزّة وهي لا تزال شابة بخلاف حركة “فتح” التي ترهَّلت. لكن عندها مشكلات كثيرة بسبب علاقتها مع “الاخوان المسلمين”. إلى ذلك لا بد من الإشارة إلى وجود علاقات كثيرة من تحت الطاولة وإن معروفة، بين اسرائيل وتحديداً رئيس حكومتها نتنياهو ومسؤولين عرب. وفوق الطاولة هناك علاقة رسميّة بينها وبين مصر والأردن، وتعاونها مع رئيس الأولى عبد الفتاح السيسي قائم ومستمر ويترسّخ. وأسباب ذلك كثيرة قد يكون أهمّها الإرهاب الذي هو عدوّ مشترك. ومن الأسباب أيضاً لتوسّع الاتصالات العربيّة – الإسرائيليّة شعور القائمين بها أنّهم يُواجهون عدوّاً مُشتركاً ومُخيفاً هو إيران، وأن تعاونهم ضروري للنجاح في مواجهته”. ماذا عن علاقة إسرائيل وتركيا اردوغان؟ سألتُ. أجاب: “هذه العلاقة تتحسَّن بعد الخلافات التي نشبت سابقاً حول موضوعات عدّة كان آخرها ما حصل للباخرة “مرمرة” التي حاولت خرق حصار القوات الإسرائيليّة لغزّة. هناك قاعدة تقول أن الدولتين في حاجة إلى بعضهما ولهذا السبب يستمر تعاونهما في التجارة وفي الأمن. وشحن البضائع من مرفأ حيفا بواسطة سفن تحمل شاحنات من تركيا مستمر. في البداية كانت البضائع تُشحن إلى الأردن، لكن سوقه لم يعد كافياً، والبضائع الآن تُشحن إلى الدول العربيّة ومنها الخليج. هناك أمرٌ اطّلعت عليه في إسرائيل أخيراً لأنه متداول فيها رغم أنني لا امتلك ما يؤكَّده بنسبة مئة في المئة، وهو يُفيد أن مسؤول الجمارك الإسرائيليّة في حيفا أقدم عن سوء نيّة أو عن خطأ على وضع “ختم” بلاده على البضائع وأوراق الشحن الخاصة بها. سُرِّب أو تسرَّب هذا الأمر للسعوديّة وربما عُرف في مصر لأن السفن التي تشحن البضائع تمر في قناة السويس المصريّة، وقامت القيامة كما قال وتوقّف شحن البضائع التركيّة. قال الإسرائيليّون للأتراك أن خطأ وقع، فسُوِّيت الأمور واستُؤنف الشحن. على كل”، تابع المسؤول العتيق نفسه في المنظمة اليهوديّة المكلّفة الدفاع رسميّاً عن إسرائيل في أميركا، “في تركيا مشكلات معقّدة، بين أكرادها والدولة تكاد أن تصل إلى مرتبة الحرب الأهليّة. لكن رغم ذلك تبقى تركيا دولة مهمّة. أمّا في موضوع غزّة فقد تفاوضت إسرائيل مع تركيا واتّفقتا على نقاط عدّة. بقيت نقطة واحدة عالقة. فتركيا تريد وجوداً فعليّاً في غزّة (قاعدة بحريّة) وإسرائيل رفضت ذلك. إلا أن البحث بينهما حولها لا يزال مستمرّاً، علماً أن رئيس مصر السيسي يرفض بدوره هذا الاقتراح”.
ما هو سبب رفض السيسي؟