IMLebanon

انتصار أردوغان يعوّض على «إخوان لبنان» خسارة مصر؟

لم تكن الاحتفالات التي نظمتها «الجماعة الاسلامية» إثر إعلان فوز «حزب العدالة والتنمية» في الانتخابات التركية وليدة ردة فعل عفوية من قبل «أنصار» الرئيس رجب طيب أردوغان في لبنان، بل جاءت لتعبر عن حالة سياسية تنفست الصعداء بانتصار وإستمرار نهج مدرسة «الاخوان المسلمين» الذي تتبعه وتسير عليه، في دولة إقليمية كبرى لها تأثيرها المباشر على المنطقة.

وجدت «الجماعة الاسلامية» في إنتصار «حزب العدالة والتنمية» في تركيا، تعويضا عما خسرته في مصر عندما أُطيح بحكم «الاخوان» برئاسة محمد مرسي، الأمر الذي أفقدها في حينه سندا إقليميا إستراتيجيا كان يمكن أن يساهم في دعم وجودها في لبنان، ويؤمن لها مروحة من العلاقات والتحالفات تساعدها على تثبيت نفوذها وحضورها في الساحة اللبنانية كحالة سياسية إسلامية معتدلة.

كما أدى ذلك الى خلل في علاقة «الجماعة» مع حليفها الافتراضي «تيار المستقبل»، لا سيما بعد قيام الرئيس سعد الحريري بزيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وإعلان دعمه للنظام الجديد في مصر، وما يزال هذا الخلل قائما حتى اليوم، في ظل عدم إتخاذ أي من الطرفين مبادرة القيام بالخطوة الأولى تجاه الآخر، وفي وقت تأخذ «الجماعة» على «المستقبل» رفضه التعاطي معها على أساس من الندية.

لكن «الجماعة» اليوم ومع إنتصار أردوغان في تركيا، عادت لتتطلع الى دور جديد على الصعيد اللبناني إستنادا الى دعم إستراتيجي من الدولة الاقليمية التي تتناغم معها دينيا وسياسيا، وتشكل في الوقت نفسه رأس حربة في دعم ثورات الربيع العربي.

وترى مصادر قيادية في «الجماعة الاسلامية» أن فوز «حزب العدالة» في تركيا «يعطي كثيرا من الأمل في إستمرار التوازن القائم لمصلحة شعوب المنطقة»، لافتة الانتباه الى أن تركيا تتصدر اليوم الدول الداعمة لقضايا الشعوب، وأن خسارة «حزب العدالة» في الانتخابات التشريعية التركية كان سيؤدي الى إختلال موازين القوى، وبالتالي الى إنطفاء الثورات وخصوصا الثورة السورية، لأن الدول الداعمة لهذه الثورات، وفي مقدمتها السعودية وقطر، لا يمكن لها أن تواجه بمفردها المحور الايراني والروسي من دون دعم دولة إقليمية كبرى مثل تركيا. وتشدد هذه المصادر على ضرورة «الحفاظ على التوازن في المنطقة في الوقت الراهن، لتستمر الشعوب في نضالها للحفاظ على حقوقها بانتظار تغييرات سياسية أو حصول معادلات جديدة تصب في مصلحتها».

ولا تخفي هذه المصادر أن إنتصار «حزب العدالة» في تركيا قد «شكل تعويضا للجماعة الاسلامية بعد الانقلاب الذي شهدته مصر على حكم الرئيس محمد مرسي، وهو سيعطيها زخما قويا للعمل مجددا في أكثر من مجال، مستندة في ذلك على حليف قوي يؤمن بالمدرسة الاخوانية ويتناغم معها فكرا ونهجا».

وتأمل هذه المصادر أن يؤدي الانتصار في تركيا الى «مواجهة تداعيات الانقلاب الذي حصل في مصر، وأن ينعكس على الحكم القضائي المسيّس الذي من المفترض أن يصدر على الرئيس مرسي، خصوصا أن داعمي النظام الانقلابي في مصر من دول أميركا وأوروبا سيقعون في الاحراج أمام تركيا التي تشكل لهم حليفا إستراتيجيا في المنطقة».

من جهته يقول رئيس المكتب السياسي في «الجماعة» عزام الأيوبي لـ»السفير» إن «إنتصار حزب العدالة في تركيا هو أمر إيجابي جدا لنا، ويستحق منا الفرح والابتهاج، وما حصل في الشارع هو أمر طبيعي ناتج عن حالة التعبئة الحاصلة، وهو جزء من الانقسام السياسي العامودي الحاصل في البلاد».

وعن إنعكاس هذا الانتصار على «الجماعة» في الداخل اللبناني، يؤكد الأيوبي أن «للجماعة حضورها التاريخي في لبنان، لكنه حتما سيؤمن لها بعضا من التوازن في علاقاتها مع التيارات السياسية الأخرى»، نافيا أن يكون لهذا الانتصار أي تأثير على التوزانات الداخلية ضمن «الجماعة»، مؤكدا أن كل القيادات في السياسة العامة تسير في إتجاه واحد.

وعن مستقبل العلاقة مع «تيار المستقبل»، يقول الأيوبي إن «التقارب السعودي ـ التركي لم يترجم على سلوك المستقبل الذي يدعم ثورة الشعب السوري، ويدعم في الوقت نفسه الانقلاب على خيار الشعب المصري، وهذا التناقض لا يمكن أن يستمر، أما على الصعيد اللبناني فنحن ننتظر حصول تغيير جذري في التعاطي معنا، خصوصا أننا نسعى الى توحيد الجهود والرؤى ضمن الساحة السنية خصوصا، وضمن الساحة اللبنانية عموما، لكن حتى الآن العلاقة مع المستقبل ما تزال على حالها من الجمود».