منذ الأمس دخل لبنان مع الاستماع لشهادة الرئيس فؤاد السنيورة في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، مرحلة شديدة الدقّة والحساسيّة، خصوصاً وأن حزب الله قام بإرسال وفدٍ رفيع لزيارة ودعم وئام وهّاب الذي يلعب نفس الدّور الذي سبق ونفّذه سليمان فرنجية مستخدماً نفس مفردات وهّاب: «الحريري معروف إنّو مع المشروع الإسرائيلي» قبيل أيام قليلة من اغتيال الرئيس الشهيد، نفس الكلام والحملة التخوينية تستهدف الرئيس فؤاد السنيورة وبرعاية نفس المتهمين باغتيال الرئيس الحريري، فحفظ الله فؤاد السنيورة، مع سابق علمنا أنه طليعة المستهدفين على لائحة اغتيالات يُشاع أنها عائدة إلى الساحة اللبنانيّة!!
وسواءً مات أم قتل أم لم يقتل رستم غزالة ـ تأدباً مع الإمام أبو حامد الغزالي أفضل كتابة اسم رأس النظام الأمني سابقاً في لبنان بغير الياء ـ فقد فات كثيرين السبب الحقيقي للتخلّص منه وعلى وجه السرعة، وسبحان العزيز الجبّار شديد العقاب الذي أذاقه طعم الذلّ والإهانة والتعذيب الذي أذاقه لكثيرين قبل أن يأخذه على يدِ من خدمهم بالقتل طوال سنيّ خدمته، وهنا علينا أن نحيل القارئ على استماع غرفة الدرجة الأولى في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لإفادة الشاهد عبداللطيف الشمّاع الذي كشف رقم المبلغ الذي فرضه خوّة وابتزازاً على الرئيس الحريري، ليكتشف ببساطة ما هو الخطأ القاتل الذي ارتكبه رستم غزالة وعجّل بالتخلّص منه..
بعدها خرج على اللبنانيين عنوان «دبّجته» الصحف بالخطّ العريض: «غزالي للشماع: كنت أتسلم من الحريري 300 ألفاً وليس 50 ألف شهرياً لإسكات معارضيه»، هذا ما سرّبه رستم غزالة لبعض الصحف عن طريق ما قيل إنّهم «بعض زوّاره»، وكانت هذه هي المرّة الأولى التي يصدر فيها شيء عن أركان النظام السوري يتعلّق بالمحكمة وشهادة الشهود والذي خرج عن السياسة التي اعتمدت كليشيه دائم «سوريا غير معنيّة بالمحكمة الدولية» أو اتهام المحكمة بـ»التسييس»، فقال: «المبلغ الذي كان يرسله رفيق الحريري مع عبداللطيف الشماع ومع يحيى العرب هو ثلاثماية ألف دولار شهرياً وكان هذا المبلغ يطلب الحريري توزيع جزء منه على بعض معارضيه في لبنان ليسكتوا ويصمتوا عن تجاوزاته وليكسب ودّهم»، وهنا كان مقتل رستم غزالة الذي تجاوز كلّ التوقعات و»كبّر» رقم المبلغ الذي كان يتقاضاه من الرئيس الشهيد بصرف النظر عن وجه استخدامه، هذا التبجّح عجّل بنهاية غزالة وإخراجه بصيغة ما وتغييبه بنهاية «تليق» بمجرمٍ مثله، لطالما أدركنا أنه لا بُدّ بالغها لثقتنا بالله جلّ وعزّ وعلا وبأنّه «الحَكَمُ العَدل»، ولا بدّ من نهايات أخرى سنراها رأي العين ليستيقنَ «حماة» القتلة والعملاء أنّ هذه النهاية لا بُدّ ستصيبهم كما أصابت من «تباهوْا» به وكرّموه بتسليمه «بندقية» غنيمة من الجيش الإسرائيلي!!
كان أبلغ ما سمعناه بالأمس من فم الرئيس فؤاد السنيورة والذي أصاب لبنانيين كثر بجرحٍ غائرٍ اكتشفوا أنّه لم يلتئم بعد: «في إحدى المرات وحين كنت مغادراً، أطرق الحريري باكياً على كتفي وقال لي لن أنسى في حياتي الإهانة التي وجهها لي بشار الأسد. كان متوتراً جداً عندما يستذكر تلك الحادثة وكنت أتجنب تحريك ذلك السكين في جرحه وكان جرحاً عميقاً. كنت أتفهم عدم رغبته بإعادة العبارات التي سمعها، لكنه قال «بهدلني وشتمني وأهانني» وهذه العبارات كافية ولست مضطراً أن اسأله ما هي العبارات الحرفية التي قالها الأسد»…
تجنّب الرئيس فؤاد السنيورة بالأمس ذكر الأسماء، فاللائحة طويلة، والأيّام المقبلة كفيلة بتظهير صورة أكثر إيلاماً من بكاء رفيق الحريري على كتف رفيق عمره فؤاد السنيورة، واللبنانيّون يترقبّون هذه الصورة.