ظريف المشهد في مجلس النواب، اليوم.
وغريبٌ هو أيضاً.
وعندما سيحضر المدعوون الى الإحتفال فالوليمة، في ساحة النجمة، فلن يجدوا العروسين. بل لن يجدوا عريساً واحداً.
إنها الحال المتواصلة منذ الدعوة الأولى الى إنتخاب رئيس للجمهورية، ويومها حضر المدعوون وفرط الإحتفال. ومن يومها، وحتى اليوم، فاللبنانيون لم يعودوا يهتمون بوقائع جلسة إنتخاب رئيس للجمهورية، وقلّما يعيرون إهتماماً لما تبثه شاشة التلفزيون من مشاهد دخول النواب، وإعلان رفع الجلسة، وبعض التصريحات التي كانت بالعشرات في بداية الأمر لتقتصر أخيراً على نائبين أو ثلاثة!
واضح، اليوم، أن هناك ثلاثة مرشحين معلنين، ونحو خمسة مرشحين مضمَرين: العماد ميشال عون الذي ترشح ولقي دعماً من حزب اللّه، وبلغ الدعم مكاناً متقدِّما عندما جاء من معراب، من الدكتور سمير جعجع.
والنائب سليمان فرنجية الذي رشحه الرئيس سعد الحريري «جدياً» وهو قال انه ينتظر الترشيح، «رسمياً» من قبل رئيس تيار المستقبل. ويبدو أن هذا الترشيح الرسمي سيأتي ربما في 14 الجاري.
والنائب هنري حلو المعروف كيف ولماذا وبأي هدف رشحه النائب وليد جنبلاط، على قاعدة: «أنا هنا».
الترشح البارز من عون، والترشيح البارز لفرنجية هما المهمان حالياً. واللافت، والذي سيكون لافتاً أكثر اليوم، أنّ العماد ونائب زغرتا لن يحضرا جلسة اليوم. أي أن النواب الذي سيقصدون المجلس النيابي لانتخاب رئيس (أقله في الظاهر) لن يجدا عون وفرنجية.
صحيح أن الدستور لا يوجب على المرشح «النزول» الى مجلس النواب. ولكن المنطق يوجب من يدعو سواه الى إنتخابه أن يبادر هو نفسه الى إنتخاب ذاته. فالمرشحان الأبرزان هما نائبان أيضاً. فكيف يكون منطقياً أن يتغيبا عن الجلسة؟
العماد عون لا يتوجه الى المجلس، ومؤيدوه (ناخبوه) من النواب لن يشاركوا في الجلسة.
أما النائب فرنجية فلا يتوجه الى المجلس، بينما يتوجه مؤيدوه (ناخبون) الى المشاركة في الإنتخاب الذي لن يحصل اليوم.
عون ومؤيدوه، وفي مقدمهم حزب اللّه، يقولون بالفم المليان: لن نتوجه الى المجلس ما لم يكن إنتخاب الجنرال مضموناً.
فرنجية ومؤيدوه يقولون إنّ الأكثرية مضمونة لهم، وانّ وصول الرجل الى الرئاسة بات «تحصيلاً حاصلاً»، وانّ النصاب متوافر… فلماذا مقاطعة الجلسة من سليمان بك وكتلته؟!
طبعاً الجواب معروف وهو الوقوف على خاطر «حلفائه في 8 آذار خصوصاً حزب اللّه… وهنا الإشكالية في أن مرشح زعيم 14 آذار يحرص على مراعاة الفريق القيادي الأكبر في 8 آذار.
إنها، على كل حال، إحدى ظواهر هذا النظام اللبناني الذي أقل ما يُقال فيه انه بات خارج التاريخ والجغرافيا ايضاً… إذ لا نقول جديداً عندما نشير الى أنّ الجغرافيا الواحدة باتت جغرافيات عدة، في النفوس حتى الآن.