Site icon IMLebanon

إرسلان.. إستباحة موصوفة للدولة والقضاء

 

 

قبل عشرة أيام تقريباً من وقوفه امام قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور للإدلاء بشهادته حول حادثة الشويفات التي راح ضحيتها علاء أبو فرج العضو في الحزب «التقدمي الإشتراكي»، وتحديداً في ذكرى أربعين محمد أبو ذياب في الجاهلية، ساورت نفس وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال طلال ارسلان أن باستطاعته لعب دور الزعامة وتحديد الأجواء المُسبقة التي يجب أن يكون عليه الوضع أثناء أخذ إفادته كشاهد في القضية.

 

أزلام إرسلان كانوا قد وصلوا قبله أمس إلى قصر العدل في بعبدا وكأن أمر عمليات قد صدر بتجمعهم أمام باحة القصر. دقائق ويصل «الزعيم» لتبدأ الهتافات المنددة بالدولة ومؤسساتها والهاتفة باسم «الزعيم»، وعوض أن يصر الأخير على موقفه السابق الذي دعا فيه أزلامه يوم «تحدى» النائب العام التمييزي في لبنان القاضي سمير حمود باستدعائه كشاهد بقضية أبو فرج، إلى «ضبط النفس وعدم التوجه الى قصر العدل في بعبدا»، راح يُثير فيهم الغرائز إلى أن ظهرت “الإستباحة” الموصوفة من خلال محاولتهم اقتحام قاعة المحكمة بالقوة قبل أن تتصدى لهم العناصر الأمنية المولجة بحماية مبنى قصر العدل.

 

عن أي احترام للقضاء ونزاهته وعدالته تحدث إرسلان قبل دخوله للإدلاء بشهادته؟ ألم يكن الأجدى به وبجماعته إظهار نواياه التخريبية والعدائية قبل أن تطأ قدماه أرضاً لا يُمكن إلا أن تُقاس بـ «ميزان» العدل؟ فعن أي «عدل» تكلم في وقت راهن فيه على مجموعات كان واحد منها بالأمس متهماً بدماء علاء أبو فرج قبل أن يتم تهريبه تحت جنح الظلام إلى خلف الحدود اللبنانية حيث المكان الطبيعي للجوء القتلة والجماعات الإرهابية من قبلهم، ودائماً من باب التبعية على قاعدة الرئيس والمرؤوس وعلى قاعدة «بشار الأسد انتصر»؟

 

إرسلان الذي هاجم رئيس الحزب «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط بالقول: «إذا كان جنبلاط يريد القضاء فنحن أيضاً نريده لكن لن نقبل بقضاء على أمين السوقي بدون قضاء على أكرم شهيب»، مارس البلطجية مع جماعته أمس، أمام عدسات الكاميرا من دون أن يرف له جفن، فهو في ممارسته اليوم يعوّل على ما يُسميه بـ «انتصار» الأسد ومحاولته تجيير ما يعتقده لإلحاق الخراب بلبنان وتحديداً الجبل. والرجل الذي سوّلت له نفسه للتطاول على الدولة والقضاء وزعماء، استجدى بالأمس كتلة نيابية ليحفظ من خلالها ماء وجهه أمام مناصرين بعضهم لم يعد يرى فيه سوى تابع لمحاور لا تملك للبنان نفعاً إنما ضرراً فقط.

 

من النافل القول أن إرسلان جزء لا يتجزأ من تركيبة لا تستكين إلا بإهانة الدولة ومؤسساتها، وتاريخه في هذا السياق يشهد له منذ ما قبل العام 2005 يوم كانت ألفاظه تسبق عمليات الإغتيال. وهو على المسار نفسه اليوم يسير ضمن توليفة لا شغل لها سوى عرقلة الحكومة، وكانت قد بدأت بعقدة المقعد الدرزي واستمرت مع «حلفاء» يسيرون على خطى التعطيل نفسه من دون ان يجمع بينهم أي رابط لا سياسي ولا اجتماعي، إنما فقط تعطيل قيامة الدولة ومؤسساتها وتحديداً السلطة التنفيذية.

 

اليوم يبدو أن ارسلان بدأ يحنّ إلى زمن الفلتان السياسي والأخلاقي والإجتماعي الى يوم كان فيه القضاء لقمة سائغة لأنظمة عاثت في البلد فساداً ورعباً وقتلاً قبل أن تندحر في العام 2005 مهزومة. لكن وسط محاولات السعي إلى زمن الفوضى والتمترس خلف ضباط المخابرات لرمي السهام باتجاه الوطن، ثمة صقور في هذا البلد لم يتعودوا إلا على الحرية ولم يأكلوا إلا من صيدهم وأبرز هذه الصقور هو النوع الذي يُسمّى بـ «الحرّ».