عادت الأوضاع على الساحة الدرزية إلى سابق عهدها من الخلافات والمواقف التصعيدية المتبادلة، لا سيما الهجوم العنيف من قبل رئيس الحزب «الديمقراطي اللبناني» النائب طلال إرسلان على سيد المختارة، وهنا، علم أن جنبلاط تمنى على وزرائه ونوابه وقيادة الحزب الإشتراكي بعدم الردّ على هذه المواقف، وصولاً إلى اشتعال مواقع التواصل الإجتماعي بين محازبي ومناصري الطرفين على أكثر من خلفية سياسية وحزبية، مما بدأ ينذر بتفاقم الخلافات، والتي خرجت عن مسارها، بعد التغريدات المتبادلة بين المختارة وخلدة، وكذلك الأمر على خط الجاهلية، بحيث ما زال الوزير الأسبق وئام وهاب يهاجم جنبلاط بضراوة.
أما لماذا عودة التصعيد وبهذا الشكل، هنا تقول مصادر درزية متابعة لمسار الأوضاع والتطورات، بأن ذلك يحمل أكثر من عنوان يدفع نحو التصعيد، إذ بداية أن ما يجري يعود إلى مرحلة الإنتخابات النيابية وقبلها قانون الإنتخاب وحادثة الشويفات، ومن ثم مرحلة تشكيل الحكومة، وما أعقبها من تجاذبات، في حين أن الرسائل المتبادلة بين القيادات الدرزية تهدف في هذه المرحلة إلى عنوانين خلافيين أساسيين:
ـ موضوع المؤسّسات الدرزية، حيث جاء التصعيد الأخير من قبل إرسلان ووهاب على خلفية مسألة أوقاف بلدة المتين، إذ ثمة مساحات شاسعة في هذه المنطقة تعود إلى الوقف الدرزي، واتهام إرسلان ووهاب مشيخة العقل ولجنة الأوقاف باستغلال هذه الأوقاف، ما أدى إلى بيان من مشيخة العقل ينفي من خلاله هذه المزاعم التي تهدف إلى غايات شخصية وسياسية، وعليه، فإن إرسلان يستبق انتهاء ولاية شيخ العقل الشيخ نعيم حسن، بغية الدخول على خط هذه المؤسّسات والمشيخة، فارضاً واقعاً جديداً على اعتبار أنه لم يشارك في المؤسّسات الدرزية الراهنة بعد مقاطعته لها.
ـ إن التصعيد الحالي بدوره يحمل خلفيات تتناول التعيينات في الفئتين الأولى والثانية، بمعنى أن إرسلان أكد مؤخراً أن زمن الإستئثار بالمواقع الدرزية قد ولّى، وعلى هذا الأساس، علم أنه سيطرح أسماء محازبين ومناصرين له لدى إقرار التعيينات المتبقية في مؤسسات الدولة، وخصوصاً في مجلس إدارة كهرباء لبنان والمرفأ ومواقع أخرى.
وعلى خط موازٍ، تؤكد الأوساط المتابعة، أن قضية المؤسّسات الدرزية والتعيينات الإدارية، ليست وحدها من أدى إلى هذا الصراع الدرزي ـ الدرزي، وانكسار الجرّة بين المختارة وخلدة، وإن كانا من البنود الخلافية بينهما، ولكن ثمة خلاف كبير يتناول المسائل السياسية الداخلية والإقليمية، باعتبار أن إرسلان أحد أبرز حلفاء سوريا وحزب الله وإيران، وفي المقابل، فإن أوساط مقربة من جنبلاط، تتّهم إرسلان بأنه يتلقى أوامره من حلفائه بغية إحداث بلبلة في الجبل، وتؤكد أن لديها أكثر من معطى في هذا الإطار.
لذلك، ترى الأوساط نفسها، أن هناك صعوبة في تهدئة الأوضاع وعودة المياه إلى مجاريها بين المختارة وخلدة في وقت قريب، لا بل هذا الخلاف مرشّح للتصعيد بعدما قُطعت كل الخطوط وتجاوزت الأمور الخطوط الحمراء، إذ علم أنه سبق لبعض المشايخ المعروفين والمقرّبين من الطرفين أن حاولا تقريب وجهات النظر، وأقلّه عدم التصعيد والتهدئة، لكن الأمور لم تؤدِ إلى أي نتيجة، على اعتبار أن من يواكب ويراقب هذه الخلافات يتأكد له بأنها تتخطى المسائل العادية إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير.
لذا، يبقى أن الجميع يبدي قلقه من أن تتخطى هذه الخلافات مواقع التواصل الإجتماعي والتصاريح العنيفة بين الطرفين، إلى إشكالات قد تحصل في هذه البلدة وتلك، وعلى هذا الأساس يدعو رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي إلى أن يكون الجيش اللبناني والقوى الأمنية الأداة الوحيدة لحفظ الأمن والإستقرار، ويؤكد أنه يرفع الغطاء عن أي محازب ومناصر يحاول التعرّض للإستقرار، أو خلق إشكال معين مهما كان حجم الإستفزاز من قبل الآخرين.