سوريا لا تزال، نظرياً، في ظلّ الاتفاق الروسي – الأميركي على وقف الأعمال العدائية. والموفد الدولي ستيفان دي ميستورا لا يزال، نظرياً، يعمل لمعاودة محادثات التسوية بين النظام والمعارضة. أما الطاغي على المشهد، عملياً، فانه التصعيد العسكري، سواء قيل انه من أجل ترتيب الأرض للحل السياسي أو كان استمراراً للرهان على مهمة مستحيلة هي الحلّ العسكري. والمفارقة ان الوجه الآخر لصعوبة اجراء محادثات في رمضان المبارك هو سهولة خوض المعارك وقت الصوم. إذ حتى في الجاهلية كان القتال يتوقف في الأشهر الحرم.
ذلك ان كثافة المعارك في أمكنة عدة خلال رمضان توحي ان شيئاً ما يتغيّر في اللعبة. فمنذ عامين ونحن نسمع من الرئيس باراك أوباما ومساعديه ان الحرب على داعش وبقية التنظيمات الارهابية هي قصة سنين وربما عقود وتحتاج الى قوى على الأرض ليست جاهزة. ومنذ شهور ونحن نرى الرئيس فلاديمير بوتين ومساعديه مشغولين بالانخراط المباشر في الحرب بجدية، ونسمع ان الغارات الروسية تتركز على تأمين سوريا المفيدة للنظام تاركة داعش لمرحلة مقبلة.
اليوم نشهد سباقاً تحت عنوان تحرير الرقة عاصمة الخلافة الداعشية: قوات كردية تتحرّك نحو الرقة ونحو منبج بدعم أميركي جوي وحتى بري عبر مستشارين. قوات من الجيش السوري تتحرك من جهة أخرى نحو الرقة تحت غطاء جوي روسي. معارك طاحنة في أرياف حلب وحماه ودمشق. فضلاً عن معركة الفلوجة في العراق، والحديث عن معركة مقبلة لتحرير الموصل.
والسؤال هو: هل دقت ساعة المعارك الحاسمة ضد داعش وسط قيام التنظيم الارهابي بالهجوم الى جانب الدفاع عن مواقعه؟ هل صارت الأولوية في موسكو للقضاء على داعش وجبهة النصرة؟ وماذا لو كان ما تفعله واشنطن هو استراتيجية احتواء هجومي دعت اليها صاحبة كتاب كيف ينتهي الارهاب مديرة برنامج الأمن الدولي في جامعة جورج ماسون البروفسورة أودري كيرث كرونين؟
الوضع في سوريا أشد تعقيداً من اختصاره بخطر داعش والنصرة. كذلك الوضع في العراق حيث تلتقي وتتصادم في آن مصالح أميركا وايران ويعلو صراخ المكون السني من تصرفات الحشد الشعبي الشيعي في معركة الفلوجة. واذا كان الجنرال الأميركي جوزف فوتل يراهن على التوازن بين شريك خيالي هو تركيا وشريك جيد جداً عي الأرض هو الكرد، فإن التحدي الأكبر هو ترتيب الارقام الصعبة الاميركية والروسية والايرانية والسعودية والتركية مع الارقام المحلية في المعادلة السورية.
ولا أحد يعرف الى أي مدى يصل التصعيد العسكري في رمضان. لكن لبنان على موعد مع التصعيد السياسي عبر خطب الافطارات.