Site icon IMLebanon

تصعيد نقابي في وقت ضائع!

تتحرك هيئة التنسيق النقابية في الوقت الضائع. قررت أخيراً التصعيد ومواجهة ما سمته “إمعان قوى السلطة في حرتقاتهم دفاعاً عن مصالحهم الضيقة” داعية المعلمين والأساتذة والموظفين وأصحاب الدخل المحدود الى الاستعداد للعودة مجدداً الى الشارع دفاعاً عن لقمة عيشهم ومستقبل أبنائهم. فقرار الهيئة بالتصعيد الذي ستعلنه في مؤتمر صحافي في 4 آب المقبل، ما لم تحدث تطورات أو مستجدات أو إملاءات سياسية على البعض، أو على قسم من مكوناتها، يأتي في وقت لا تستطيع هذه الهيئة التأثير في قرارات الحكومة وتوجهاتها، ولا الضغط لإدراج مشروع سلسلة الرتب والرواتب على جدول أعمال مجلس النواب، اذا استطاع فتح دورة استثنائية بعد أيلول المقبل، الا اذا كانت الهيئة تبعث برسالة مفادها أنها قد تقاطع الدورة الثانية من الامتحانات الرسمية، وتأثير هذه الخطوة محدود جداً لأن اعداد المتقدمين قليلة، قياساً الى الدورة الأولى.

ولا بد من القول أن توجه هيئة التنسيق الجديد في عطلة الصيف، لم تفهم معانيه وأهدافه، طالما أنها لم تستطع التحرك أو اعلان موقف موحد وتصعيدي وحاسم خلال العام الدراسي الماضي، ولا قبل الامتحانات أيضاً، حتى انها ألغت مؤتمراً صحافياً كانت ستعلن فيه تحركاً احتجاجياً على الأرض، بسبب الخلافات بين مكوناتها وارتباط بعض الرابطات بقوى سياسية وبمرجعيات تحدد آلية تحركها وتوقيته. ولذا لا معنى اليوم لتحرك على الأرض تقوم به هيئة التنسيق، ضد حكومة لا تجتمع، وطلباً لإدراج بند السلسلة من مجلس نواب لا ينعقد، فيما التلامذة خارج المدارس اصلاً، وغالبية المعلمين في إجازتهم الصيفية، والبلد يعاني أزمات في كل قطاعاته. فإلى من تتوجه هيئة التنسيق؟ وهل تستطيع أن ترفع مطالبها الى جهة تقرر كي تبرر تصعيدها أو أن يكون هناك مغزى لقرارها أو هدف للسنة المقبلة؟

سيبدو كلام هيئة التنسيق عن أن قوى السلطة لا تفهم الا لغة الشارع، وكأنه زلة لسان. مرة لا يمكن التصعيد ضد قوى السلطة، والهيئة اختارت أن تكون سياستها إيجابية بعدم التعطيل واستبعاد الاضرابات خلال العام الدراسي، وعدم مقاطعة الامتحانات أيضاً، ثم فجأة تقرر أن لغة الشارع هي الوحيدة لتحقيق المطالب، وذلك بلا تقييم جدي للمرحلة السابقة، ولا درس الجدوى، ولا قياس الخسائر والأرباح، جراء تناقض الخطاب النقابي الذي يدفع الناس والجمهور الى الابتعاد عنه وعدم منحه الثقة، فكيف تكون الصدقية اذا كان الخطاب متناقضاً ولا يبنى على أسس متينة؟

المشكلة أن هيئة التنسيق أو بعض مكوناتها على الاقل، يصدّق أن الناس سيتحملون الخطاب التصعيدي في لحظة سياسية لتحقيق مطالبهم. وعندما يرفع سقفه في هذه المرحلة من الفراغ والوقت الضائع، يعني أن هذا البعض يتماهى أو يريد أن يواكب حركة سياسية معينة ترى في التصعيد خدمة لمصالحها!