استشعر الجميع خطورة الوضع اثر ما شهدته طاولة الحوار يوم اول من امس الاثنين فقد اتخذ التصعيد السياسي غداة تعليق الجلسات، وجهاً بالغ الخطورة ينذر بمضاعفات واسعة وانزلاق الوضع الى متاهة قد تخرج عن السيطرة، اذا لم يتمكن سعاة الخير وعرابو التسويات من احتواء الموجة التصعيدية التي لم تظهر بعد أي ملامح جدية في اتجاهها باستثناء مواقف سياسية تدعو للتهدئة واتصالات خجولة بدأت بعيدة من الاضواء، خصوصا ان وتيرة التحدي بين بعض القوى السياسية في جلسة الحوار وتحديدا بين رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية ارتفعت الى ذروة غير مسبوقة توحي بأن الجرة انكسرت وترميمها صعب للغاية.
بري الاطفائي
وفي حين تتجه الانظار الى رئيس مجلس النواب نبيه بري بصفته «اطفائي» الازمات الساخنة، اعتبر مراقبون سياسيون ان الرئيس بري الذي «لم يعد يفهم على التيار» كما اشارت اوساطه، سيضطلع بدور فعال جديد لتبريد الاجواء التصعيدية ومنع اي انفجار في الشارع او على المستوى السياسي، على رغم ان ما جرى داخل اروقة الحوار انطوى في جزء منه على رسائل سياسية مباشرة له، سيتخطاها حكما بعد هدوء العاصفة والارجح بعد انتهاء عطلة عيد الاضحى الاسبوع المقبل، وما اجتماعه مع الرئيس امين الجميل امس سوى بداية حركة ستشهد زخما في المرحلة القادمة. وقد عزز وزير المال علي حسن خليل اليوم هذا الاعتقاد بقوله» اننا امام تحديات كبيرة على مستويات الوطن ونؤمن ونصرّ على البحث عن السبل التي تعيد انعقاد طاولة الحوار من جديد».
مصير الحكومة
وفي الانتظار، فان مصير جلسة مجلس الوزراء غدا الخميس يبقى على محك اتصالات التهدئة. وتتجه الانظار الى القرار الذي سيتخذه الرئيس تمام سلام في هذا الصدد، وهو الواقع بين مطرقة عقد الجلسة بما يؤجج نار التصعيد من جانب التيار الوطني الحر الذي قاطع وزراؤه الجلسة الاخيرة تحذيرا، وسندان الانصياع الى منطق التهديد والوعيد وادخال الحكومة في شرك تعطيل المؤسسات الدستورية طوعاً. وفي هذا المجال، اعربت مصادر وزارية قريبة من المصيطبة عن اعتقادها بان سلام سيمضي في عقد الجلسة ما دامت معظم القوى السياسية ستشارك بمن فيها حزب الله وحركة امل والمستقبل وفريق الوزراء المستقلون، اذ ان تعليق العمل الحكومي سيقضي على آخر منافذ التلاقي بين القوى السياسية ويوقف الانتاجية، على رغم قلتها، لكن لا يجوز تعطيل العمل الحكومي ومصالح الناس والدولة اذعانا لمطلب التيار الوطني الحر الذي يلقى معارضة حتى من وزراء وتيارات سياسية مسيحية. واشارت الى ان، وتجنباً للاستفزاز فإن الجلسة ستكون شبيهة بسابقتها وتختصر على تسيير بعض شؤون الناس.
«حزب الله» يشارك …
وشدد وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش على ان «معالجة اسباب تعليق الحوار الوطني من مسؤولية القوى السياسية كافة وليس فقط «حزب الله»، فلا احد يرمي الكرة في ملعبنا ، معتبراً ان « توقيف الحوار غير جائز». واعلن فنيش ان «حزب الله» حتى الان سيُشارك في جلسة الحكومة المُقرر عقدها بعد غدٍ الخميس».
…. فهل ترجأ الجلسة؟
الا ان مصادر وزارية في فريق 8 اذار، اعربت عن اعتقادها بان الجلسة قد لا تعقد تجنباً لمزيد من التصعيد، واستجابة لرغبة بعض القوى السياسية، خصوصا ان ذريعة عدم انعقادها متوافرة ما دام سلام يعد العدّة لترؤس الوفد الرسمي الى نيويورك حيث سيشارك في اجتماعات الدورة العادية للامم المتحدة، ويغادر الاسبوع المقبل الى فنزويلا ومنها الى الولايات المتحدة الاميركية.
خطة اعلامية – شعبية
ويبدو التيار الوطني الحر يعد عدّة المواجهة والتصعيد، وقد أقر مجلسه التنفيذي خطة سياسية وإعلامية وشعبية، بغية تنفيذها بالتدرج، كتعبير عن الرفض القاطع لكل ما وصلت إليه الأحوال في النفايات والشؤون الحياتية، وما انطوت عليه الممارسة السياسية من مس بالكرامة الوطنية الجماعية. ودرس المجلس في اجتماع طارئ «الخطوات العملية التنفيذية التي يتوجب الاستعداد لها، على أن تكون أهدافها تطبيق الميثاق، ولا تكون لها حدود سوى الكرامة والحرية». اما رئيس التيار الوزير باسيل الذي كان يستعد للسفر الى القاهرة، فقد ابلغت اوساط قريبة منه انه يتريث في قرار المشاركة، وقد يكلف الامين العام لوزارة الخارجية وفيق رحيمي ترؤس الوفد الرسمي الى الاجتماع الدوري لمجلس وزراء الخارجية العرب الخميس المقبل، لتتسنى له مواكبة التطورات السياسية الداخلية عن كثب.
القوات والتعقل
وتبدي اوساط قواتية عدم ارتياحها لما آلت اليه الامور على مستوى الحوار، وتدعو عبر الى العودة الى المنطق العقلاني والابتعاد عن سياسة النكايات التي تجر البلاد الى المجهول، خصوصا ان منهجية التحدي لم تحقق اي هدف من الاهداف التي يطالب بها بعض القوى في الحكومة ، وليس المهم رفع الصوت في الشارع بل اصابة الهدف. وتوقعت في هذا المجال خطوات لاعادة تصويب بوصلة الاهداف المسيحية الضائعة والمشتتة في اكثر من اتجاه، مما افقدها جوهرها واصابها بالوهن فبات المسيحيون ابرز الخاسرين من معركة تحصيل الحقوق. واكدت ان القوات ليست في وارد المشاركة في لعب اي ورقة في الشارع لان نتائجها ستكون سلبية ولن تحدقق اهدافها.
قبول لبنان دوليا
ماليا، أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على هامش «مؤتمر طباعة العملات» أننا سننفذ كل ما نستطيع القيام به ضمن القانون ليكون لبنان دوما مقبولا دوليا. وأعتقد أن من خلال التعاطي مع القطاع المصرفي الخارجي، فإن لبنان في حال ممتازة»، مشددا على أن «المسؤولين الدوليين الذين زاروا لبنان أخيرا سمعوا من المسؤولين اللبنانيين كلاما يفيد بأن لبنان سيلتزم القوانين الدولية (العقوبات على حزب الله). ولا معلومات رسمية لدينا عن لوائح. علما أن عند إدراج أناس جدد في لائحة OFAC، لا يتم إعلامهم».
وطمأن سلامة إلى أن «الليرة اللبنانية مستقرة، والامكانات متوفرة لذلك. وأعتقد أن الليرة ستلعب دورا أكبر وستحافظ على استقرارها».