IMLebanon

موسم الهرب  الى أوروبا

موسم الهجرة الى أوروبا ليس عنوان رواية على طريقة الطيب الصالح في موسم الهجرة الى الشمال. فهو مشهد قاسٍ في تراجيديا واقعية تدور على المسرح السوري. وتمتد الى دول الجوار ثم الى أوروبا. وأقسى ما يرافق التراجيديا المستمرة منذ العام ٢٠١١ هو اندفاع الذين يتقاتلون باسم الشعب السوري في اللامبالاة حيال مأساته بحجة الحسابات الاستراتيجية التي بعضها سياسات سوريالية.

وليس من أجل التذكير بالحاجة الى انتخاب رئيس للجمهورية والاشادة بالكرم اللبناني في استضافة النازحين السوريين جاء رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الى بيروت. ولا هذا، مع انه من هموم باريس واهتماماتها، ما جعل الرئيس فرنسوا هولاند يرغب في زيارة لبنان، حيث لا رئيس يستقبله. فالحض على انتخاب رئيس هو جزء من خطاب متكرر في لندن وباريس ومعظم عواصم العالم. والاشادة بالكرم اللبناني، من بعيد هي البديل من تحمّل المسؤوليات الانسانية عن الوطن الصغير الذي يستضيف ما يوازي ثلث سكانه، في حين يدقّ الاتحاد الأوروبي النفير عند اضطراره لاستقبال ٠،٠١١ من عدد سكانه.

وهذا، أي ضغوط أزمة اللاجئين على أوروبا، مع شيء من رؤية مخاطر اضافية على لبنان، ما دفع كاميرون وقد يدفع هولاند وسواه الى زيارة لبنان والتذكير بأرقام المساعدات وابداء الاستعداد لتوطين عدد من النازحين في اوروبا.

ذلك ان النظام والتنطيمات المعارضة المسلحة والدول والقوى المنخرطة في حرب سوريا تهرب من السؤال عن الاسباب التي تدفع شباناً وشابات وعائلات مع اطفالها لتحمل العذاب ومواجهة خطر الموت بحراً وبراً من اجل الوصول الى اوروبا. فالرئيس بشار الاسد حذف نصف الشعب السوري عندما قال مؤخراً ان السوري هو من يدافع عن سوريا، لا من يحمل هويتها وجواز سفرها. ورئيس حكومته يتحدث عن مؤامرة هدفها تفريغ سوريا من كوادرها. والتنظيمات السلفية التي تقاتل لاقامة دولة اسلامية تلوم اللاجئين الهاربين الى بلاد الكفر. وداعش يطلب من المسلمين الهجرة الى دولة الخلافة. والقاعدة التي هي الأم لجبهة النصرة تدعو، بلسان الظواهري، المسلمين الذين يمكنهم ايذاء الغرب الصليبي الى عدم التردد في نقل الحرب الى قلب هذه الدول ومدن الصليبيين الغربية.

كل شيء، باستثناء العمل الجدي، وليس الاستعراضي على طريقة اميركا وروسيا والامم المتحدة، لانهاء الحرب بحل سياسي ينقل سوريا الى نظام ديمقراطي. ولا شيء يوحي ان سوريا لا تزال سوريا. فمن يلوم السوريين الهاربين من حقول القتل في منطقة يضربها جنون العنف باسم الدين الى حيث ما يستحق الحياة؟