مرة أخرى، يجد المجلس الدستوري نفسه أمام طعن جديد في نيابة عضو كتلة «المستقبل» ديما جمالي التي فازت في الانتخابات الفرعية الاخيرة في طرابلس، بعدما كان المجلس قد أبطل نيابتها وقرر إعادة إجراء الانتخابات النيابية في عاصمة الشمال، عقب الطعن الاول الذي قدّمه ضدها مرشح «جميعة المشاريع الخيرية الاسلامية» طه ناجي.
معروف انّ جمالي شنّت هجوماً عنيفاً على المجلس الدستوري عقب إبطال نيابتها في المرة السابقة، الى حد أنها اتّهمته بتلقّي الاموال، ما دفع رئيسه الدكتور عصام سليمان الى الرد بقسوة عليها، ورفع دعوى قدح وذم في حقها.
ويأتي الطعن الثاني الذي قدّمه المرشح يحيى مولود على وَقع ترددات هذا الإشكال مع جمالي، في وقت لا تزال الدعوى ضدها تدور دورتها في القضاء، ما طرح تساؤلات في بعض الاوساط المتعاطفة مع نائب طرابلس عمّا إذا كان هذا العامل يمكن ان يؤثر في مجريات الطعن الجديد وحيادية المجلس الدستوري في التعامل معه.
كيف ينظر سليمان الى هذا الاختبار؟
يؤكد سليمان لـ«الجمهورية» انه تم تعيين مقررين من أعضاء المجلس لإجراء التحقيق اللازم في حيثيات الطعن في نيابة جمالي الذي قدمه مولود، مشيراً الى انه يحرص منذ تَولّيه موقعه على اختيار مقررين اثنين لكلّ طعن يتعلق بالانتخابات النيابية، بغية ضمان الموضوعية التامة في التحقيقات.
ويوضح سليمان انّ المسار القانوني المتّبع يمنح جمالي مهلة 15 يوماً للرد على الطعن المقدم ضدها، لافتاً الى انه بعدما ينتهي المقرران من التحقيق، يرفعان تقريراً حول تفاصيله ونتائجه الى المجلس الدستوري ليتخذ القرار المناسب في شأن إبطال النيابة أو عدمه، ومتوقعاً ان يصدر هذا القرار بعد 3 أشهر تقريباً.
ويشدد سليمان على انّ المجلس الدستوري سيتعاطى بكل موضوعية وتجرد مع الطعن، مؤكداً أنّ المشكلة التي حصلت مع جمالي بعد اتهامها المجلس بقبض المال «لن تؤثر بتاتاً على تمسّكنا بالحيادية والمسؤولية في درس ملف الطعن وإصدار الحكم العادل في شأنه».
ويشير الى «انّ دعوى المجلس ضد جمالي بجرم القدح والذم لا تزال سارية المفعول وتسلك مجراها الطبيعي في القضاء». لكنه يجزم «أنّ هذا الامر شيء والقضية المعروضة أمامنا شيء آخر، ولا يمكن ان نخلط بينهما».
ولدى سؤاله: ماذا عن احتمال ان تستغلوا فرصة الطعن لتصفية حساباتكم مع جمالي؟ يجيب سليمان: «أصلاً، ليست هناك من حسابات شخصية او سياسية نريد ان نصفّيها مع جمالي، وبالتالي أنا لا أشعر بعداء حيالها. الصحيح هو أنني أشفق عليها بفِعل ما يبدر منها».
ويعتبر «انّ جمالي أخطأت في حق المجلس وأطلقت كلاماً غير مسؤول عندما اتهمته بقبض الرشى، ونحن لجأنا الى اعتماد الوسائل القانونية المشروعة في مواجهة هذه المزاعم الواهية. أمّا في ما خَص الطعن الجديد المقدّم ضدها، فإننا سنقاربه وفق معايير دقيقة لأننا نحرص على صدقيتنا ونزاهتنا من جهة، وعلى احترام أصوات الناخبين من جهة أخرى».
ويضيف: «لا يمكن أن نُبطل نيابة نائب إلّا إذا كانت توجد أسباب جدية تستدعي الإبطال وتأكّدنا من حصول مخالفات أثّرت على نتيجة الانتخابات، كما جرى في المرة السابقة. إنّ إبطال النيابة ليس بهذه الخفة والبساطة، وأيّ حُكم نُصدره يجب ان يكون محصّناً على المستويين القانوني والدستوري».
ويشدد سليمان على انه لا يتدخّل بتاتاً في عمل المقررين أثناء انكبابهما على إجراء التحقيق، ولا يُبدي أي رأي في الطعن خلال تلك المرحلة، «بل أنتظر أن يرفعا التقرير ليُبنى على الشيء مقتضاه».
ويتابع: «أنا حيادي وأقف على مسافة واحدة من جميع الاطراف، وأريد ان أنهي ولايتي محافظاً على كرامتي وسمعتي، وكذلك كرامة المجلس الدستوري وسمعته، «وبهالآخرَة ما بَدّي إرتكب أي هَفوة تُسيء الى مسيرتنا وسيرتنا».
ويستغرب سليمان تلميح البعض الى عدم أهلية المجلس للنظر في الطعن ان اتخذ قراراً عام 2002 باعتبار الاسباب المعتمدة لطلب تَنحّي أحد أعضائه آنذاك غير مسموعة (غير مقبولة)، «وهذه المعادلة هي قاعدة ثابتة بالنسبة إلينا وتعتمدها أيضاً الهيئة العامة لمحكمة التمييز».