عن سؤال: هل تتصرَّف الدول الكبرى إنطلاقاً من مشاعر أم مصالح؟ أجاب المسؤول الأميركي السابق نفسه الذي تعاطى بجدية مع قضايا المنطقة وأبرزها سوريا ولبنان وإيران ولا يزال ولكن من موقع الباحث، قال: “الدول لها مصالح. الأخلاق مهمة لكن المصالح أهمّ. أنا لي رأي في هذا المجال. القنبلتان النوويتان اللتان أُلقيتا على هيروشيما وناغازاكي في اليابان عام 1945 كانتا عملاً إجرامياً كبيراً يلي في الترتيب من حيث الإجرام المحرقة النازية ليهود ألمانيا لكنَّهما أنهتا الحرب. ترومان رئيس أميركا في حينه كان أمام خيارات بالغة الصعوبة. لذلك على أوباما أن يكون واضحاً ونزيهاً. لا نريد إيران نووية عسكرية. وهي تسعى أو كانت تسعى وربما لا تزال تسعى لامتلاك المواد والمعرفة اللازمة لصنع قنبلة نووية في سرعة عند الحاجة. هذا أمر مرفوض من نتنياهو (إسرائيل) وأميركا وأوروبا. فنتنياهو وافق على نسبة تخصيب معينة للإيرانيين أو بالأحرى قبل ذلك ومعه إتفاقاً نووياً. لكنه نُصِح بالتخلِّي عن هذا الموقف كما قلت لك قبلاً. لكنه لم يوافق على تمكين إيران من صنع قنبلة نووية. وإذا أصرَّت إيران على ذلك وفشلت المفاوضات النووية الدولية (مجموعة 5+1) معها فعلى أوباما أن يتصرَّف كقائد أُمّة أميركية وكزعيم أكبر وأقوى دولة في العالم، أي أن يواجهها أياً يكن قرار نوعية المواجهة الذي يتخذه. وفي أميركا كثيرون جداً مع هذا الرأي. على إيران أن تعرف أن الجمهوريين إذا وصلوا إلى البيت الأبيض فأنهم بعُقّالِهم ومجانينهم سيواجهون هذا الموقف بما يلزم من قرارات”.
علّقتُ: ربما هناك مفاوضات جارية بين إدارة أوباما وإيران وإن في صورة غير رسمية. ردَّ: “ربما لكن هذا غير كافٍ. هناك اتصالات. تحدثنا (أميركا) مع المسؤولين عن مفاوضات النووي مع الايرانيين لإقناعهم بتوسيع البحث كي يشمل الأقليميات. لكنهم رفضوا. واستمرّ الكلام مع آخرين منهم والنقاش. وبعد وقت طويل تمّ الإتفاق على البحث فيها ولكن خارج الإطار الرسمي. والهدف من ذلك هو جعل الموضوع الاقليمي جاهزاً عندما يصل التفاوض حول النووي إلى نهاية إيجابية. يقولون لنا: نحن لا نريد سلاحاً نووياً. أيام الإمام الخميني مؤسس “إيران الإسلامية” وبعد رحيله كان العمل في النووي قد بدأ لأن إيران كانت تظن أنها ستتعرَّض إلى ضربة عسكرية يوماً ما من إسرائيل وأميركا، أو بالأحرى كانت مقتنعة بذلك. أما الآن فيبدو، واستناداً إلى أقوال مسؤولين فيها داخل إجتماعات مقفلة، أنها تعتبر تحوُّلها نووية عسكرياً سيقود إلى سباق تسلُّح نووي في المنطقة. وهذا ليس في مصلحتها لأسباب كثيرة. على كل، ربما يعتقد الرئيس أوباما ومجموعته أن ذلك يقوّي الرئيس روحاني والمعتدلين في إيران، علماً أن هناك متشددين داخل النظام سواء في الجسم العلمائي أو في الجسم العسكري والأمني”.
علّقتُ: ما تقوله صحيح. لكن هناك احتمالاً، إلى جانب الإنقسام الذي أشرت إليه، يفيد أن المفاوضات تجري بموافقة جدية من المرشد والقائد الأعلى خامنئي، وأن الإعتراضات الحادة عليها من علماء وقادة عسكريين يجري بعضها بموافقته. ألا تعتقد أن في ذلك نوعاً من توزيع الأدوار؟ وهل كان خامنئي يغامر بدعم روحاني ومفاوضات حكومته لو كان يعرف أن المعارضة له ولها كبيرة جداً داخل النظام ومتأكداً من خطرها على الوضع كله؟ على كلٍ من يظن أن روحاني غير خامنئي أو يمكن أن يقود نهج الإعتدال على حسابه يكون مخطئاً. روحاني لم يكن مرشح خامنئي للرئاسة. لكنه فاز في انتخاباتها من الدورة الأولى. وهو جزء من النظام وليس كالرئيس الإصلاحي محمد خاتمي. لذلك قَبِلَه خامنئي. وفي إحدى الجلسات معه بعد تسلُّمه سلطاته سمع منه، استناداً إلى مطلعين في بيروت لا يرقي الشك إلى معلوماتهم الإيرانية، في أثناء عرضه برنامج عمله، الآتي: برنامجي هو أن نسعى لتحقيق انفتاح على الداخل وانفتاح على العالم ومنه أميركا، وأن نسعى أيضاً لحل مشكلة ملفنا النووي مع العالم بالتفاوض. وأنا أعدك، كونك القائد الأعلى للدولة وكوني جزءاً منها ومن النظام الإسلامي، انك ستكون مطَّلعاً على كل شيء في كل المجالات، ولن نوافق على أي أمر ولن نتخذ أي إجراء من دون موافقتك. وإذا رأيت يوماً ما أن مصلحة إيران تقضي بوقف ذلك كله فإنني أعدك بوقفه تماماً، وسأكون معك”.
ماذا في جعبة مسؤول كبير سابق في “إدارة” أميركية مهمة ومسؤول حالي في مركز أبحاث مهم عن إيران والمنطقة عموماً؟