في الكواليس حديثٌ متنامٍ عن ضغوط دولية قادت إلى جلسة «تشريع الضرورة» للبَتّ أوّلاً بقانون اليوروبوند. فكان البحث عن «لبنَنة الجلسة» لإمرار القانون المالي ومعه بعض مشاريع واقتراحات قوانين مُلحّة، فضلاً عن التمديد للمجلس النيابي لتوزيع المغانم على الأقطاب فلا يخرج أحد منها خاسراً، على رغم فشلهم في عقد جلسةٍ لانتخاب رئيس للجمهورية. كيف السبيل إلى هذه القراءة؟
لم يعُد عقد جلسة تشريعية حلماً بعيد المنال، فقد قطعت المساعي أشواطاً بعيدة في ترتيب الموعد، في انتظار الكشف عن موعدها في اجتماع تعقده هيئة مكتب المجلس في الساعات القليلة المقبلة للبتّ بجدول أعمال مختصر، يُحدّد اقتراحات ومشاريع القوانين الضرورية التي يجب البتّ بها بسرعة قصوى وفي مهلة أقصاها الأسبوع الأوّل من الشهر المقبل، إذ يجب البتّ بقانون إصدار سندات اليوروبوند على مسافة أيام من استحقاق جديد لمواجهة كلفة الدين العام بقيمة مليار و300 مليون دولار، على الدولة توفيرها بالسرعة القصوى لمنعِ إدراج لبنان على لائحة الدوَل المفلسة أو الفاشلة، وقبل الوصول إلى تصنيف جديد يسيء إلى موقع لبنان بين الدوَل المدينة في العالم.
بلا مواربة، هذه هي إحدى الحقائق التي فرَضت على الجميع تسريعَ المساعي لعقد جلسة تشريعية في ظلّ الخلاف القائم على أولوية دور المجلس، لجهة انتخاب رئيس جديد للجمهورية أوّلاً قبل القيام بأيّ عمل آخر، أو حقّ المجلس في التشريع في أيّ وقت يريد.
من هذه المنطلقات وعلى خلفية التحذير الذي وجَّهه البنك الدولي إلى مَن يعنيهم الأمر في الملف المالي، تفَتّقت عبقرية «المجلسيّين» توصّلاً إلى صيغة «تشريع الضرورة» ما سمحَ بتقريب المسافات بين دعاة التشريع في كلّ زمان ودعاة الانتخاب. وذلك أوّلاً بتفاهم ضمنيّ تمّ التوصل إليه في الحوار المفتوح بين ثلاثي «المستقبل» و«أمل» و«الإشتراكي» قبل أن يتحوّل حواراً رباعياً انضمَّت إليه «القوات اللبنانية» ممثلةً بالنائب جورج عدوان.
يعتقد مراقبون أنّ نصاب الجلسة التشريعية مضمون ولا يحتاج إلّا للنصف زائداً واحداً، وهو أمر متوافر على رغم مقاطعة البعض لهذه الجلسة، إذ لن يكون غياب نوّاب الكتائب وبعض النواب المستقلين وضبابية موقف «التيار الوطني الحر»، عائقاً أمام تأمين النصاب في ظلّ موافقة نوّاب الثنائي الشيعي «حزب الله» و»أمل»، وتيار «المستقبل» و»الإشتراكي» و»القوات» على المشاركة.
وأمام هذا الواقع، بقيَ التفاهم على جدول أعمال الجلسة وآليّة إدارتها. فهناك بند مهمّ مطروح بقوّة، لم ولن يُدرج على جدول أعمالها لكن سيكون حاضراً أمام أوّل جلسة تشريعية، وهو يتّصل باقتراح القانون المقدّم من النائب نقولا فتوش للتمديد لمجلس النواب سنتين وسبعة أشهر.
وتأسيساً على ملف التمديد، يبدو أنّ هناك مَن قبلَ البحث بعقد هذه الجلسة لتكون مناسبة لطرحه، وهو ما طالبَت به علناً كتلتا «المستقبل» و«الإشتراكي». ولذلك ليس صعباً على الرئيس نبيه برّي أن يفسح المجال أمام فتوش وفي عزّ النصاب القانوني، ليطرح اقتراح القانون المعجّل المكرّر الذي أعدّه بغية البَتّ به بالأكثرية العددية للحضور (34 صوتاً) ضمن المهَل الدستورية التي على الجميع أخذها في الإعتبار.
فإقرار إقتراح التمديد يلزمه آلية دستورية لتحويله قانوناً قابلاً للحياة. وهو ما يفرض إفساحَ المجال أمام الحكومة التي تسلّمت صلاحيات رئيس الجمهورية وكالةً لتوقيعه ونشره. وإنْ أراد أحدٌ الطعن به أمام المجلس الدستوري يجب أن تتوافر مهلة الشهر قبل نهاية ولاية المجلس، على رغم استبعاد أيّ خطوة من هذا النوع في ظلّ التفاهم الذي سيُظلّل الجلسة، التي ستوزّع الأرباح على الجميع من دون وجود متضرّر أو خاسر.
وعليه، ستبقى الأمور مرهونة بأوقاتها. فورشةُ التحضير للجلسة التشريعية انطلقت على المستويات كافة ولن يعوقَها أحد على ما يبدو، ولم يبقَ أمام طبّاخيها سوى التفاهم على بعض القضايا التي يمكن أن تُزيّن جدولَ أعمالها لتكون أشبه بجلسة طبيعية تُمرّر قانون اليوروبوند ضمن المهلة المعقولة وتبقى العناوين الأخرى قيمةً مضافة عليه لا أكثر ولا أقلّ.