من الذي أيقظَ الذئاب المنفردة النائمة؟ وهل كانت نائمة حقّاً؟ إذا كان منفّذ عمليّة النمسا ذو الأصل الألباني متطرف تعرف السلطات النمساوية أنّه حاول الالتحاق بمقاتلي داعش في سوريا فلماذا ليس موقوفاً، وإذا كان القانون في أوروبا يكفل الحريّة حتى لمشارع الإرهابيّين، فلماذا ليسوا موضوعين تحت الإقامة الجبريّة؟
بعيداً عن كلّ هذه التساؤلات، هل علينا أن نتخوّف ونتساءل من يقف خلف محاولة إثارة اضطرابٍ أمنيّ في دول أوروبا وخلق حالة تصادم مخيفة بين المسلمين المواطنين في تلك الدول وبين المتطرفين المولودين في تلك الدول والذين نشأوا فيها ومع هذا يكنّون لها الكراهية، هل جاء دور أوروبا لتدخل دوّامة العنف؟ والسؤال الأهمّ ممّن يتلقّى هؤلاء أوامرهم وربّما تمويلهم؟ البعض يشير الإصبع إلى نظام رجب طيّب أردوغان الذي نقل الإرهابيين الداعشيين من سوريا إلى ليبيا؟ أم هم اللاجئين الذين يتمّ إرسالهم بالعبارات فيختلط فيهم النساء والأطفال بالشبّان الذئاب الذين يتخفّون في أثواب الحملان؟!
مجرّد التّفكير في أنّ عمليّة نقل الإرهابيّين من الدّاخل السّوري إلى ليبيا للانخراط في عمليّات حربية دموية من غير أن يرفّ لدول العالم جفنٌ هو مدعاة للتوجس خيفة لأنّه ليس أسهل من انتقال هؤلاء من ليبيا عبر البوّابة الإيطاليّة إلى الدول الأوروبيّة المختلفة.
لن يكون سهلاً أن تواجه أنظمة ديمقراطية المنظومات الإرهابيّة خصوصاً الداعشيّة منها، الأنظمة الديكتاتوريّة التي تضاهي في إجرامها إجرام داعش لم تستطع مواجهة الإرهاب في البلاد العربيّة، غويانا وأبو غريب الأميركيين بكلّ إرهابهما لم يستطيعا تغيير شعرة من عقل أي إرهابي، وكلّ من خرج من المعتقل خلال فترة قصيرة كان خطط للعودة إلى صفوف ما يسمّى بـ»الجهاديين»!!
الحرب والصراع يدور على النّفط والغاز في منطقة البحر المتوسط، هل ترهيب أوروبا وتكديرها وإلهائها بالحوادث الإرهابيّة واضطراب حبل الأمن فيها جزء من الصراع في حوض البحر المتوسط؟ هل يسعى نظام الإخوان العالمي من مقرّه الأردوغاني التركي إلى ترهيب أوروبا على عتبة العام 2023، هذا احتمال واردٌ جدّاً هذه الدول لن تقول لتركيا بعد مرور مئة عام على معاهدة لوزان وانتهائها تفضلي واحصلي على كلّ حقوقك التي حرمناك منها على مدار 100 عام، على العكس ستعترض الدول الأوروبيّة وهي حليفة تركيا في «الناتو» على استخراج تركيا النفط من بحورها، ولن يقبلوا أن يدفعوا رسوم المرور في مضيق البوسفور بعدما ظلّوا يعبرونه لمدة قرنٍ من الزّمان مجّاناً في عمليّة سلب واضحة لحقوق الشعب التركي!
ثمّة أمرٌ خطير يُحضّر لأوروبا وأخوف ما نخاف منه زجّها في صراعٍ لا تحمد عقباه بين مواطنيها المسلمين والمسيحيين المستفيد الوحيد فيه المتطرفين من كلا الفريقيْن، كلّما علت أصواتٌ تنادي بالحوار والسلام بين أتباع الأديان، يخرجون لنا مجانين إرهابيين فهذا شيشاني وذاك ألباني كأولئك الذين اعتدنا أسماءهم في منطقة الشرق الأوسط من الزرقاوي للجولاني للمصري وهكذا… من دون أن ننسى أن أصل هؤلاء وصناعتهم إنكليزيّة وبلد لجوئهم لندن وتصديرهم إلى العالم بدأ من هناك، نحن نتعامل من تنظيمات إرهابيّة بعناوين إسلاميّة وصناعة إنكليزيّة ـ أميركيّة، أمّا الدّول التي تولّت تمويلهم وحَوَتْهم ورفعت الدّعاء لهم، فمهما رفعت عناوين جنوحها نحو الانفتاح والتمدّن أو طردهم من أراضيها بعدما أقاموا فيها سنين فهي لن تستطيع غسل يديها من الدماء التي أريقت في المنطقة، ولا التي ستراق في دول أوروبا، التي تستيقظ فيه الذئاب المفترسة سواء كانت تأتيها منفردة أو جماعة!