IMLebanon

أوروبا والاتفاق النووي: اللعب بثلاث كرات

 

تعدّدت الجبهات والمعركة واحدة: حفاظ الشركاء على الاتفاق النووي بعد الانسحاب الأميركي. جبهة الجدل الداخلي الأميركي حول مرحلة ما بعد الانسحاب وادارتها. جبهة الخلافات الداخلية في ايران بين المدافعين عن الاتفاق، وهم الرئيس حسن روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف وبقية الفريق المفاوض، بين الحرس الثوري وبقية المتشددين ضد الاتفاق والمنتقدين للمفاوضين. جبهة المصالح الأوروبية في ايران. جبهة العلاقات الأميركية – الأوروبية. جبهة الحوار الصعب بين طهران وأوروبا. جبهة الرهان على الموقفين الروسي والصيني ورهان روسيا والصين على توظيف الاصطدام الأميركي بحائط الرفض الدولي لقرار الرئيس دونالد ترامب. وجبهة التأثر الملموس في الشرق الأوسط بمضاعفات الانسحاب الأميركي ومفاجآت الصراع الجيوسياسي في المنطقة وعليها.

والكل داخل ورطة وضع ترامب نفسه والبقية فيها. من أميركا التي قامت بخطوة من دون حساب الخطوة التالية بعدها الى شركاء الاتفاق الذين يريدون الحفاظ عليه من دون أزمة كبيرة مع أميركا. لكن المنطقة التي هي الأكثر تأثرا بالمعركة تبدو عاجزة عن الفعل. والحراك النشط داخل المأزق هو الذي يقوم به وزراء الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان والبريطاني بوريس جونسون والألماني هايكو ماس الذين استضافتهم في بروكسل الممثلة العليا للأمن والسياسة في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني قبل ان يلتقوا زميلهم الايراني ظريف الذي جال على بكين وموسكو.

 

والموقف الأصعب هو موقف الثلاثي الأوروبي الذي عليه اللعب بثلاث كرات في وقت واحد: الحفاظ على المصالح الاقتصادية الأوروبية في ايران وحمايتها من أية عقوبات اقتصادية أميركية ورفع شعار السيادة في وجه واشنطن. تقديم ضمانات تطلبها طهران خلال مهلة محددة للتأكد من ان الاتفاق النووي سيبقى حيّا ويرزقها. وإقناع ترامب بأنها تعمل جادة لمفاوضات مع ايران حول الصواريخ الباليستية وتغيير السلوك الايراني في المنطقة وجعل القيود على تخصيب اليورانيوم ممتدة الى ما لا نهاية بعد العام ٢٠٢٥ حسب الاتفاق النووي.

ولا شيء يضمن ذلك، وسط الرفض الايراني لهذه المطالب والاقتناع الأوروبي بها. لا بل وسط تأكيد المرشد الأعلى علي خامنئي انه لا يثق بأوروبا، وقول الجنرال حسين سلامي نائب قائد الحرس الثوري ان أوروبا في جبهة واحدة مع أميركا على الرغم من اعلانها التمسك بالاتفاق، وهي لا تستطيع التحرّك بشكل مستقل، والمقاومة، لا الديبلوماسية، هي السبيل الوحيد لمواجهة الأعداء.

والتحدي الكبير أمام الجميع هو الحفاظ على جوهر اتفاق انسحبت منه أميركا. لكن الورطة عميقة. والفصل القريب في اللعبة بين واشنطن وطهران هو في تأليف الحكومة العراقية بعد التدخل الواضح في الانتخابات.