خمس سنوات أمضتها السفيرة أنجلينا أيخهورست على رأس بعثة الإتحاد الأوروبي في لبنان، نجحت خلالها في كسب عقول وقلوب اللبنانيين وزملائها في السلك الديبلوماسي. أيخهورست ستُغادر هذا الصيف إلى بروكسل، وفي ذاكرتها صور جميلة عن بلد أحبّته وأحبّها، لكنّها لم تنسَ أن تعيد تذكير أعضاء برلمانه بواجبهم في المحافظة على الدستور والشروع في إنتخاب رئيس للجمهورية.
إنّها السنة الأخيرة التي تتحدّث فيها أيخهورست باسم الإتحاد الأوروبي في «يوم أوروبا»، لذا أرادت أن يكون 9 أيار يوماً مميزاً، فاستهلت كلمتها في حفل الإستقبال الذي أقامته البعثة في «بافيون رويال- بيال» أمس الأول بتوجيه التحية إلى كلّ لبناني ولبنانية يعملان يومياً لبناء دولة مدنِيّة عاملة وشاملة وآمنة وعصرية.
فـ«أيّ سياسة أو استراتيجية أو خطة عمل أو خريطة طريق لا يمكنها أن تنجح ما لم ينخرط فيها المواطنون والأشخاص الذين يعيشون في البلاد والمستفيدون المباشرون، وما لم يشاركوا ويشعروا بأنّ صوتهم مسموع»، في اعتقاد أيخهورست.
وتذكّر بأنّه منذ أن التقى رؤساء دول وحكومات بلدان الجوار الجنوبي والإتحاد الأوروبي في برشلونة عام 1995، قدّم الإتحاد دعماً اقتصادياً وفنّياً واسع النطاق للمنطقة ككلّ، وقد خصَّص الإتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء والبنك الأوروبي للإستثمار ووكالات التنمية التابعة للدول الأعضاء للبنان هباتٍ وقروضاً قيد التنفيذ بنحو 2.2 مليار يورو.
فالتعاون الأوروبي- اللبناني يجرى وفق خطة عمل بين الإتحاد الأوروبي ولبنان اعتُمدت عام 2007 وتمّت مراجعتها عام 2013. وتقول: «هذه السنة نراجع من جديد طريقة تحسين شراكتنا بهدف تحقيق نتائج تدوم لوقت طويل. واضطلع لبنان بدور بارز في المنطقة، وهو يبادر إلى البحث عن أفضل السبل مع الإتحاد الأوروبي للعمل معاً من أجل السلام».
وتضيف أيخهورست: «العمل للسلام بات أكثر صعوبة. وينطبق هذا الأمر على أوروبا تماماً كما ينطبق على لبنان… لذا أودّ أن أهدي هذا المساء، مساء 9 أيار، للأشخاص الذين يعملون من أجل السلام. فخلال كلّ تلك السنوات التي قضيتها في لبنان، هذا البلد الساحر والفريد من نوعه، التقيتُ آلاف الأشخاص الذين يعملون من أجل السلام والذين يؤثّرون ويُحدِثون فارقاً حقيقياً».
فالجميع من دون استثناء تخصّهم بتحية من ضباط وعناصر الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، والأمن العام، والجمارك، والدفاع المدني، والعاملين في نزع الألغام، والرجال والنساء في «اليونيفيل»، والقضاة في المحاكم، والحراس في السجون، والسجناء الذين بعدما أمضوا فترة أحكامهم يتطلّعون إلى بدء حياة جديدة، والمحامين الذين يدافعون عن حقوق الإنسان الأساسية،
والمتطوّعين العاملين في الكثير من المنظمات الخيرية والمؤسسات الدينية التي تتولّى رعاية الفئات السكانية الفقيرة الكبيرة العدد، واللاجئين الكثر والأشخاص الذين ليس لديهم أيّ حقوق أو بلد يعودون إليه والعمّال المهاجرين الأجانب، والقادة الروحيين، والمعلمين المتفانين في المدارس الرسمية والخاصة، والطلاب والأساتذة في الجامعات الـ21 التي لدينا شراكة معها، والشباب والزملاء العاملين في مئة ومنظمتين (102) غير حكومية لبنانية تلقت دعماً مالياً من الاتحاد الأوروبي،
وممثلي شركاء الإتحاد المنفذين الذين يعملون مع الأمم المتحدة، والمواطنين الأوروبيين الذين جاؤوا إلى لبنان للدراسة أو العمل أو العيش، والمدافعين عن حقوق الإنسان وجميع النساء والرجال الذين يعملون للمساواة بين النساء والرجال ووسائل الإعلام، وأعضاء الجسم الصحافي، والنجوم والشخصيات السينمائية والتلفزيونية،
والفنانين والناشطين في المجال الثقافي، والأطباء والممرضات والممرضين ورجال الإطفاء، وناشطي السلامة المرورية، ومَن يحمون البيئة ويعلموننا كيف نستمتع بطبيعة البلاد الجميلة، وجميع الرجال والنساء الذين يعملون في قطاع السياحة، وكلّ مَن يزرع الأرض وينمي المحاصيل ويربي المواشي، وجميع الرياضيات والرياضيين الذين يشاركون في الماراتون ركضاً وعلى الدراجات الهوائية من أجل السلام، ورؤساء وأعضاء البلديات الـ585 التي يعمل معها الإتحاد الأوروبي،
والخبراء والباحثين العاملين في قطاعات الطاقة والكهرباء والمياه وفي الطيران المدني وقطاع الاتصالات، والفاعلين الإقتصاديين وفي قطاع الأعمال، وغرف التجارة والصناعة والزراعة، والمستثمرين والتجار، والمصرفيين، ومَن يعملون في قطاع الخدمات، والصناعات الإبتكارية، والمطاعم الرائعة، والمتاجر وأماكن الترفيه، وموظفي القطاع العام، والوزراء الـ23 الذين عملت معهم بصورة يومية، والنواب الـ128 – وعددهم اليوم 127 – الذين «يتعيّن عليهم المحافظة على الدستور وانتخاب رئيس جديد للجمهورية»، وقادة الأحزاب السياسية وجميع المعنيين بالحكم في البلاد.
أمّا رئيس الحكومة تمام سلام فله تحية خاصة. وتقول أيخهورست: «إنّه رجل سلام بامتياز والذي يدعو من دول كلل في مستهل كلّ جلسة لمجلس الوزراء إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية. فقد مضى على فراغ هذا المنصب نحو سنة. وأعتقد بأنّ الكثيرين منكم قد يوافقونني الرأي عندما أقول إنّ لبنان في حاجة لرئيس ولمؤسسات دولة عاملة يشعر فيها المواطنون ويعرفون بأنّ أصواتهم مسموعة ومحمية».
كذلك لم تغفل أيخهورست شكرَ فريق بعثة الاتحاد الأوروبي في بيروت، وزميلاتها وزملائها رئيسات ورؤساء بعثات الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي وموظفي هذه البعثات، على مساهمتهم في يوم أوروبا وأيام التعاون الأوروبي- اللبناني في 8 و9 أيار.
تعود أيخهورست هذا الصيف إلى بروكسل، وتبتسم في معرض دردشة مع «الجمهورية» على إمكان أن تطاول عدوى التمديد الذي طاول مجلس النواب مهمتها، وتقول: «لقد أنجزتُ عملي»، لكنّ لبنان «سيبقى في قلبي وفي عقلي، وسوف أستمرّ في العمل من أجل السلام والأمن في لبنان، فسلامكم هو سلامنا».