IMLebanon

أوروبا مهتمّة بكشف هويات 5 آلاف مقاتل في سوريا والعراق

أوروبا مهتمّة بكشف هويات 5 آلاف مقاتل في سوريا والعراق

دو كركوف: مطلوب من لبنان تشديد العقوبات على المقاتلين الأجانب

لبنان جزء من التحالف الدّولي لمكافحة الإرهاب. هكذا ينظر الإتحاد الأوروبي الى لبنان ويطلب منه التعاون في مكافحة التطرّف والراديكالية، والأهمّ رصد المقاتلين الأجانب قبل عودتهم الى أوروبا.

ولعلّ النقطة الأخيرة هي الأهمّ في أجندة نائب الأمين العام في جهاز العمل الخارجي الأوروبي بيدرو سيرانو ومنسّق الإتّحاد الأوروبي لشؤون مكافحة الإرهاب جيل دو كركوف اللذان يزوران بيروت ليومين متتاليين، وفي برنامجهما اليوم لقاءات أمنية رفيعة المستوى مع وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق وقائد الجيش العماد جان قهوجي والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص.

وأمس شارك المسؤولان الأوروبيان في وزارة الخارجية والمغتربين، في إجتماع خبراء في مجالي مكافحة الإرهاب والتطرّف العنيف، وقدم عدد كبير من هؤلاء من منظمات أمنية أوروبية متخصصة أبرزها: «سيبول» و»فرونتكس» و»يوروبول»، الى خبراء من الوزارات والأجهزة الأمنية اللبنانية المعنية.

وبالرغم من أن الزيارة هذه المرّة جاءت بطلب من المجلس الأوروبي وذلك بعد هجوم مسرح «باتاكلان» في باريس في 13 تشرين الثاني الفائت، وهي تحمل هدفا مكرّرا يكمن في إعادة توطيد روابط التّعاون والتنسيق مع شركاء إقليميين معنيين بمكافحة التطرّف والإرهاب أبرزهم لبنان والأردن وتركيا ومصر الى بلدان أخرى في شمال إفريقيا، إلا أنّ التوغّل في أهداف الزيارة التي شرحها سيرانو ودو كركوف تبرز أولويات ذي طابع أوروبي بحت تفوق بأهميتها مساعدة البلدان المذكورة على مواجهة الإرهاب «الذي بات أشدّ تعقيدا»، بحسب وصف دو كركوف.

وتتضح خلفيات مصلحة التنسيق الأوروبي مع لبنان وسواه من خلال تركيز دو كركوف وسيرانو على وجود 5 آلاف مقاتل أوروبي حاليا قدموا للقتال في سوريا والعراق الى جانب «جبهة النّصرة» و«داعش». يقول دو كركوف: «لدى الإتحاد الأوروبي حاجة لمعرفة هويات هؤلاء المقاتلين حينما يعودون الى الدّيار، ونتوقع في الفترة المقبلة عودة عدد كبير منهم بعد اشتداد الضربات الجوية في سوريا والعراق، وبالتالي ينبغي علينا معرفة ما علينا فعله ضدّ إرهاب بات أشدّ تعقيدا وفتكا، ولا يزال نموذج مسرح «باتاكلان» في باريس «ماثل أمامنا».

هذا التحدي يفرض على الأوروبيين إذن التنسيق مع بلدان كلبنان فيه مجموعات من الشبان الذين يقصدون سوريا أيضا للقتال مع «داعش» و»جبهة النصرة»، وهو أمر لا مفرّ منه، بحسب دو كركوف.

لهذه الغاية وضع الأوروبيون 5 أهداف لمجابهة هذا الإرهاب المعقّد:

أولها، التواصل الإستراتيجي لإعادة تأهيل المقاتلين الأجانب من خلال إطلاق خطاب مضادّ لخطاب «داعش» و»النصرة»، وخصوصا عبر وسائل التواصل الإجتماعي. وهنا يعقّب دو كركوف بأن لبنان كعضو في التحالف الدولي ضدّ الإرهاب أبدى استعداده للإسهام في ترويج هذا الخطاب المضادّ عبر تطوير خطاب معتدل المضمون يحارب الراديكالية، علما بأنّ ثمة مركزين أساسيين مقرّهما في أبو ظبي ينسقان مع مركز التحالف الدولي هناك من أجل ترويج خطاب معتدل ونشر التوعية للمقاتلين الأجانب، وهما مركزي «هداية» و»صواب». ويلفت دو كركوف الى اجتماعات عمل عقدها الأوروبيون في العاصمة الإماراتية مع شركة «تويتر» للقيام بتدريبات تطوّر القدرات التقنية للتواصل الإستراتيجي لأشخاص يعملون في المجتمع المدني.

عقوبات مشددة ضدّ المقاتلين الأجانب

الهدف الثاني لجولة المسؤولين الأوروبيين يكمن في تفعيل برامج العدالة والقضاء. وثمة برنامج أوروبي جديد في هذا الإطار سوف يتبلور في 2017. أما البرنامج الذي تمّ عرضه على لبنان فيشمل تدريب قضاة ومحققين حول كيفية جمع الأدلّة والبراهين. يقول دو كركوف: «نحن نشجع لبنان على الإنخراط في هذا البرنامج المختص بتعقب الأدلّة وليس الإكتفاء بالإعترافات فحسب». وفي هذا الإطار ذكر دو كركوف أنه فور وقوع أي حادث أمني أو عمل إرهابي ينبغي التنبّه الى كيفية التعاطي مع الأدلة الفورية كي لا يتم طمسها من دون قصد.

وفي الإطار القضائي شدّد ايضا على ضرورة تعديل قانون العقوبات اللبناني لجهة تشديد العقوبات على المقاتلين الأجانب وفقا للقرار الأممي الرقم 2178 (دعا الى نزع أسلحة جميع المقاتلين الإرهابيين الأجانب، ووقف جميع الأعمال الإرهابية أو المشاركة في الصراع المسلّح في سوريا) وهو ملزم لأنه صدر تحت البند السابع.

ولفت دو كركوف الى أنّ الإتحاد الأوروبي بات يعترف ايضا بما يسمّى الأدلّة الإلكترونية «لأنه يصعب التنسيق مع أجهزة الرئيس السوري بشار الأسد، وهذه الأدلة تشمل الدردشة الإلكترونية، ورسائل البريد الإلكتروني وسواها».

التنسيق الثالث يتعلق بالسجون وتجنيب المساجين الغرق أكثر في الراديكالية، وكيفية رصد إشاراتها المبكرة،وسوف يبدأ الإتحاد الأوروبي بالتعاون مع الأجهزة الأمنية المختصة برامج تأهيل متخصصة للمساجين.

أما التعاون الرابع فيتعلق بأمن الطيران المدني، وهنا يبرز أمن مطار بيروت الدّولي. ويقول بيدرو سيرانو في هذا الشأن إن السلطات اللبنانية المختصة قدّمت معلومات قيّمة وإيجابية حول التدابير الأمنية في المطار وهي قيد الدراسة والتحليل.

ويشير دو كركوف من جهته الى أن الإتحاد الأوروبي يقدّم مجموعة إسهامات للمساعدة في مراقبة المطارات في العالم ولحماية الطيران المدني المهدد من قبل «داعش» اينما كان، وفي أوروبا ثمة توطيد لمعايير حماية المطارات عبر زيادة الأجهزة المختصة ومنها «السكانر» و»السكانر الجسدي» ومراقبة الحمولات والشاحنات في المطار، وهنا يبرز دور الأمن العام اللبناني الحريص على ضبط هذه الأمور كلّها على الحدود». وأشار دو كركوف الى موضوع «سجلات أسماء الركّاب» أو ما يعرف بـ

«Passenger name record»، وإذا كان الإتحاد الأوروبي لا يزال يتفاوض مع البرلمان الأوروبي حول كيفية تطبيق التشريع الذي حصل عليه من أجل مراقبة «سجلات أسماء الركاب» فإنه كشف بأنّ لبنان يتقدّم بسرعة في التطبيق التقني لهذا الإجراء، ومن المنتظر أن يطبقه في الأشهر القليلة المقبلة على الطائرات الآتية من الخارج عبر نظام حسابي يسهّل رصد أشخاص مشبوهين ولديهم ميول إرهابية، وبعض الدول الأعضاء لديها خبرة واسعة سوف تنقلها الى لبنان.

وفي بند التعاون الخامس لفت الى أنّ لدى الإتحاد الأوروبي برنامجاً طموحاً لضبط الحدود مع سوريا ايضا، وثمة برامج تدريب خاصة للشرطة ولحرس الحدود وللجيش وخصوصا أن «لبنان هو عضو في التحالف الدولي وشريكنا في مكافحة العنف والتطرف الراديكالي».

وردّا على سؤال حول إذا ما كان ناقش مع المسؤولين اللبنانيين مسألة وضع قيود مالية ضدّ أحزاب لبنانية ومنها «حزب الله» قال دو كركوف: ناقشنا عمليات تمويل الإرهاب بشكل عام، والتعاون في هذا المجال إلزامي لأنه يقع تحت البند السابع للأمم المتحدة، ولاحظنا بإيجابية أن لبنان أصدر أخيرا تشريعا مهمّا أتاح له التصديق على الإتفاقية الخاصة بمكافحة تمويل الإرهاب التي تعود الى عام 1929، علما بأنّ لبنان هو جزء أيضا من مجموعة «إغمونت»، وهي المنتدى الدولي لوحدات المعلومات المالية وترمي الى مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وأشار الى أن أوروبا باتت تعدّ وحدات شرطة متخصصة في التحقيقات المالية بعدما اكتشف المتخصصون أن رجال الشرطة العاديين لا يحبون التوغّل كثيرا في التحقيقات المالية.