Site icon IMLebanon

الدور الفرنسي قد ينتقل من مرحلة إسداء النصح إلى فرض العقوبات

 

هل بقي «للصلح مطرح» بين عون والحريري بعد حرق كل المراكب؟

 

هل بقي «للصلح مطرح» بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، أم أن الطلاق بين الرجلين قد وقع، بعد أن احترقت كل المراكب بينهما في الجولة الثامنة عشرة من المفاوضات حول تشكيل الحكومة بعد مضي 152 يوماً على تكليف الحريري مهمة التأليف؟

 

صحيح انه في السياسة هناك قاعدة تقول «لا صداقة دائمة ولا خصومة دائمة»، غير ان ما ظهر من انفعالات وتشنجات وتراشق كلامي واتهامات بين قصر بعبدا و«بيت الوسط» يكرس بالوقائع الفراق بين عون والحريري مع تشريع للأبواب أمام كل الاحتمالات السيئة للوضع اللبناني من مختلف جوانبه، وينذر بأننا مقبلون على مرحلة شديدة الصعوبة خصوصاً على المستويين الاقتصادي والإجتماعي حيث تُشير كل التقديرات إلى أن الدولار يتجه للافلات من عقاله من دون ان يكون في مقدور أحد لجمه أو تحديد سقف معين لتصاعده، وهذا الأمر بحد ذاته يبعث على الخوف الشديد من انعكاس الأمور على الوضع الأمني وانفلات الشارع الذي يصح فيه القول «ما تهزو واقف على شوار».

 

وما زاد الطين بلة، هو تزامن النعي الذي صدر على لسان الرئيس المكلف نتيجة لقائه مع رئيس الجمهورية لتأليف الحكومة، مع اطلاق الاتحاد الأوروبي وعلى رأسه فرنسا تحذيرات جدية من أن لبنان على وشك الانهيار، وطلب باريس من الاتحاد التدخل الفوري والعاجل لمواجهة الأزمة التي يمر بها هذا البلد، توازياً مع كلام أطلقه وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان والذي جاء فيه انه طلب من نظرائه في الاتحاد الأوروبي النظر في مساعدة لبنان مع إعادة انعاش لفكرة كان قد تمّ التداول بها منذ مُـدّة وترمي إلى فرض عقوبات تطاول شخصيات لبنانية تتعاطى الشأن السياسي وغير السياسي تحوم حولها شبهات الفساد ونهب المال العام على حدّ وصفهم.

 

ويبدو من بعض المؤشرات ان فرنسا تتجه إلى إبلاغ أهل القرار في لبنان أن مسار اتباع لغة التحذير والنصيحة لم يعد على الأجندة الفرنسية بعد ان أثبت فشله وعدم جدواه، وان قصر الاليزيه ربما يلجأ الى خيار فرض العقوبات كخيار لا مفر منه لممارسة أقصى أنواع الضغوط على المسؤولين في لبنان لحملهم على تقديم كل ما يسهل عملية تأليف الحكومة والحؤول دون إنزلاق لبنان إلى مرحلة الانهيار الكامل، ويتوقع في هذا المجال أن تقود العجلة الفرنسية إلى التحرّك في قابل الأيام في محاولة لاحتواء الوضع وإعادة الأمور إذا أمكن إلى الطريق القويم، ولهذه الغاية فتحت فرنسا وفق مصادر عليمة خطوطها باتجاه دول أوروبية أخرى بغية رفع منسوب التحذيرات الأوروبية للطبقة السياسية في لبنان قبل اللجوء إلى اتخاذ القرار الذي سيكون مؤلماً لهذه الطبقة، لأن القيادة الفرنسية بحسب هذه المصادر تفضل ألف مرّة اللجوء إلى خيار العقوبات، على ان ترى لبنان يقع فريسة الفوضى والتوترات الأمنية، وقد عكس هذا الخوف ما صدر عن وزارة الخارجية الاميركية في الساعات الماضية لجهة الاعراب عن القلق حيال الوضع اللبناني، ودعوة السياسيين الی وضع انتماءاتهم جانباً وتشكيل حكومة في أقرب فرصة ممكنة تكون قادرة على معالجة الأزمات المتعددة في لبنان قبل فوات الأوان وانفلات الأوضاع على غاربها.

 

لكن ورغم التحذيرات الأوروبية والتنبيهات الأميركية والقلق الداخلي فإن هذه المصادر ترى أن الضوء الأخضر الخارجي لعملية التأليف لم يأت بعد ولو كان هذا الامر حاصلاً، لكنا رأينا أن تأليف الحكومة قد حصل بالأمس قبل اليوم، موضحاً ان العوامل الإقليمية والدولية التي تحتاجها عملية التشكيل ما تزال مفقودة، وأن ما يُطلق من مواقف خارجية لا يتعدى اللعب في مساحة الوقت الضائع بانتظار انقشاع الرؤية على خط المفاوضات الأميركية – الإيرانية. وتذهب هذه المصادر إلى أبعد من ذلك في ما خص الحكومة العتيدة وتقول ان لا حكومة في لبنان لا اليوم ولا غداً من دون موافقة واشنطن وطهران والرياض، وهذه الموافقة مرهونة بما يجري في المنطقة من الملف النووي مروراً بالوضع في اليمن والعراق وسوريا وصولاً إلى لبنان.

 

والى حين أن تصبح هذه المعطيات حقيقة على أرض الواقع فإن المصادر ترسم صورة قاتمة للمشهد اللبناني، وهي ترى انه سيكون بانتظار لبنان أيام صعبة في ظل حفلة الجنون القائمة على المستوى السياسي وعلى مستوى انفلات سعر صرف الدولار وأسعار المواد الغذائية، معربة عن خوفها من انتقال لبنان إلى أزمات جديدة تهدد كيانه وتكون أكبر من الصراع على حقائب وزارية بكثير، لن يكون أقلها الفوضى العارمة بكل ما في الكلمة من معنى.