Site icon IMLebanon

هل تُبصر الحكومة النور في غضون أسبوعين قبل إصدار الإتحاد الأوروبي عقوبات على بعض الشخصيات؟

 

يُراوح ملف تشكيل الحكومة مكانه، رغم كلّ المبادرات الداخلية والمبادرة الفرنسية المدعومة من دول الخارج، وفي ظلّ الحديث عن أنّ أمراً إيجابياً ما سوف يطرأ ويجعل الحكومة المنتظرة تُبصر النور في غضون الأسبوعين المتبقيين من شهر آذار الجاري. فيما يتحضّر الرئيس المكلّف سعد الحريري الذي يضع ورقة التشكيل في جيبه، ومسودة تشكيلة حكومية يتيمة لدى رئاسة الجمهورية، للقيام بجولة على بعض دول الغرب منها ألمانيا وبريطانيا، وربما الولايات المتحدة الأميركية، فضلاً عن زيارة ثانية لتركيا، بعد أن عاد من زياراته الأخيرة لكلّ من مصر وتركيا، كما بعض الدول الخليجية مثل الإمارات وقطر باستثناء السعودية.

 

وينتظر البعض في ظلّ التدهور المتمادي للقدرة الشرائية لليرة اللبنانية والإرتفاع الجنوني للدولار الاميركي الذي تخطّى عتبة الـ 13000 ليرة، أن يرضخ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمام الوضع المنهار، ويُقدّم بعض التنازلات للحريري لتسهيل تشكيل الحكومة. علماً بأنّه سبق للمكتب الإعلامي في قصر بعبدا وأن أعلن مرّات عدّة عدم تمسّك الرئيس عون بالثلث المعطّل، وإنّما بما تنصّ عليه المواد الدستورية فيما يتعلّق بعملية وأسس ومعايير تشكيل الحكومة. وفي حال لم يتمّ التنازل من قبل الفريق الرئاسي، ولا من قبل الرئيس المكلّف، فمن أين سيأتي الحلّ لولادة حكومة المهمّة التي من شأنها إنقاذ البلاد من أزماتها الإقتصادية والمالية والمعيشية والإجتماعية والصحيّة وسواها؟.

 

مصادر سياسية مطّلعة أكّدت أنّ الرئيس المكلّف يريد من خلال إصراره على حكومة من 18 وزيراً من الإختصاصيين غير الحزبيين الهيمنة على الحكومة الجديدة، ومن ثمّ، بعد الوصول الى استحقاقي الإنتخابات النيابية المقبلة والإنتخابات الرئاسية، السيطرة على البلد. علماً بأنّه يعلم بأنّه لن يتمكّن من تشكيل الحكومة التي يريد من دون التوافق مع جميع الأحزاب السياسية الممثّلة في البرلمان وفق معايير واحدة، كون الكتل النيابية هي التي تمنح حكومته الثقة أو تحجبها عنها. كذلك فإنّ انتفاضة 17 تشرين من العام 2019 في الشارع، أتت لكي يُعبّر الشعب اللبناني عن رفضه لسياسة الحكومة التي كان يرأسها الحريري، وقد استقال من منصبه بعد 13 يوماً من الإنتفاضة، إستجابةً لمطالب الشعب، رغم عقده التسوية الرئاسية مع الرئيس عون، ومن دون التشاور معه في موضوع الإستقالة.

 

وتابعت المصادر: ويأتي الحريري اليوم مُعلناً عن إرادته لتشكيل حكومة من الإختصاصيين المستقلّين فيما يبقى هو كرجل سياسي ورئيس حزب على رأسها، دون أن يتمّ استبداله بإختصاصي خبير قادر على تحقيق الإصلاحات المطلوبة من الحكومة الجديدة. فضلاً عن عدم استشارة الحريري أيٍّ كان، في حين أنّ الدستور يُلزمه القيام باستشارات نيابية، بحسب المادة 64 منه التي تنصّ على أن «يُجري الإستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويُوقّع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها». وتساءلت: كيف يُمكن أن يحصل التغيير مع المنظومة نفسها التي أوصلت البلد الى الوضع الذي نحن فيه اليوم؟

 

لهذا، إذا كان المطلوب من الرئيس عون، أو الفريق الرئاسي التنازل، فالسؤال الذي يطرح نفسه، على ما أوضحت المصادر، لمن سيتمّ التنازل؟ فالرئيس المكلّف لم يتمكّن خلال حكومتين سابقتين شكّلهما في عهد الرئيس عون من القيام بمحاربة الفساد، أو بالتدقيق الجنائي المطلوب ولا بالإصلاحات اللازمة، ما يعني أنّه اثبت فشله. فعلى أي أساس سوف يجري التنازل له لكي يحكم الحكومة ومن ثمّ البلاد عندما يسودها نوع في الفراغ المحتمل؟!… علماً بأنّه على مجلس النوّاب، على ما عقّبت المصادر، تحمّل مسؤولياته أيضاً، رغم أنّه أصبح فاقداً لعشرة نوّاب من أصل 128 نائباً بفعل استقالة 8 نوّاب هم: سامي الجميّل، نديم الجميّل، الياس حنكش، مروان حمادة، نعمة افرام، ميشال معوّض، هنري الحلو وبولا يعقوبيان، ووفاة النائبين ميشال المرّ وجان عبيد، من دون أن يُصار بعد الى ملء هذا الشغور عن مقاعدهم في كلّ من بيروت، وكسروان والمتن والشوف وطرابلس..

 

ولفتت المصادر الى أنّه من الجيّد أن يُنفّذ الداخل المبادرة الفرنسية التي وافقت عليها جميع المكوّنات السياسية، ولكن على أي مبادرة خارجية إحترام النصوص الدستورية اللبنانية المتعلّقة بتشكيل الحكومة، والتي تنصّ على احترام المعايير والميثاقية والتوزيع الطائفي. فالمادة 95 من الدستور، على سبيل المثال، تنصّ على أن «تمثّل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة»… كما تشير مقدمة الدستور الى أن «لا شرعية لأي سلطة تُناقض العيش المشترك»، ما يعني ضرورة اعتماد التمثيل الصحيح للطوائف في تشكيل الحكومة وفي مؤسسات وإدارات الدولة. من هنا، لا يُمكن تشكيل أي حكومة خارج التمثيل الحقيقي للطوائف، بغض النظر عمّا إذا كانت الحكومة ستضمّ وزراء إختصاصيين مستقلّين أو غير مستقلّين. أمّا الإصرار على 18 وزيراً في ظلّ وجود 22 حقيبة فهو أمر غير منطقي، كونه لا يمنح كلّ إختصاصي حقيبة من ضمن إختصاصه، مع الحديث عن إسناد حقيبتين مختلفتين عن بعضهما البعض لوزير مختصّ واحد.

 

بناءً عليه، فإنّ الرئيس عون لا يُمكنه التنازل لمن لا يضع أسساً جيّدة للمرحلة المستقبلية، لهذا فالجميع مدعو الى تحمّل مسؤولياته، تضيف المصادر، والتوافق على تشكيل حكومة إنقاذية، يُمكنها الحصول على مساعدة البنك الدولي لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة والتدقيق الجنائي، سيما أنّ أحداً لا يُمكنه استرداد التكليف من الرئيس الحريري. ولكن في الوقت نفسه، لا يُمكن للرئيس المكلّف وضع التكليف في جيبه الى أجلٍ غير مسمّى، فيما البلد ذاهب نحو الإنهيار في مختلف القطاعات أكثر فاكثر.

 

في المقابل، يؤكّد بعض العارفين أنّ الطريق ليس مسدوداً أمام تشكيل الحكومة، إذ ثمّة معطيات عدّة تشير الى قُرب تشكيل الحكومة من خلال حصول تطوّر إيجابي داخلي ما. وقد يحدث هذا التطوّرمن خلال بعض المبادرات المطروحة من قبل رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، ومدير عام الأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم، سيما وأنّ الوضع الإقتصادي والمالي المتدهور لم يعد يتحمّل المزيد من الإنهيار. فعلى الجميع تحمّل المسؤولية والإنكباب على تشكيل الحكومة انطلاقاً من وضع المصالح الشخصية جانباً.

 

وألمح هؤلاء العارفون الى «تهديدات» الإتحاد الأوروبي بفرض عقوبات إقتصادية على بعض الشخصيات في الداخل قريباً، في محاولة منه لدفع المسؤولين الى التوافق، قبل الإعلان عنها، خصوصاً وأنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أعطاهم الكثير من الوقت للتفاهم فيما بينهم. غير أنّهم لم يستفيدوا من هذا الوقت، بل أضاعوه سدى. وقد اتهم وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في حديثه الأخير المسؤولين اللبنانيين بعدم مساعدة بلدهم في مواجهة مخاطر الإنهيار، مشيراً الى أنّه لا يزال ثمّة أمل صغير قائلاً: «لا يزال هناك وقت للتحرّك لأنّه في الغد سيكون قد فات الأوان».