تجري اتصالات مكثّفة من أجل أن تأتي الحكومة بعيدة عن أجواء التصعيد السياسي والشعبي باعتبار ان هناك حالة غليان في الشارع نتيجة الانهيار المالي والاقتصادي وتدهور الأوضاع المعيشية في البلد لا سيما في ظلّ غياب الحلول الناجعة.
أما المعلومات المستقاة من مراجع بالغة الأهمية تؤكد أن ولادة الحكومة وشيكة لجملة اعتبارات أولاً أن فريق السلطة أو الذين سمّوا الرئيس حسان دياب لم يعد بوسعهم الانتظار طويلاً لأنهم يخسرون أمام جمهورهم، ولا سيما أن الحكومة من طرف واحد في ظلّ مقاطعة الحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية وتيار المستقبل لذلك ما يحصل على خط قيادات 8 آذار إنما بهدف الإسراع في التأليف، لا سيما وأن وضع المنطقة بعد مقتل اللواء قاسم سليماني لم يعد كما قبله ولهذه الأسباب فإن المعلومات تؤكّد بأنه إذا طال أمد التأليف فعندئذٍ تكون الأمور غير مؤاتية لصالح هذا الفريق الذي جهد في الساعات الماضية لإقناع الرئيس المكلّف بتمرير بعض الأسماء التي تعتبر حاجة ضرورية لدى أحزابها ربطًا بالوضع الداخلي والإقليمي الشّديد الحساسيّة في هذه المرحلة.
وفي هذا الإطار، علم أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري تولى عملية الإخراج من خلال إقناع رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل بتسهيل مهمة الرئيس المكلّف ودعاه لتسمية أنصار أو محازبين حتى من التيار الوطني الحر أن لا يكونوا معروفين من اللبنانيين، أي ليس من قيادات معروفة، وذلك لتمرير التأليف على أن تشكل الحكومة العتيدة صدمة في الشارع وتواجه الاستحقاقات المقبلة الاقتصادية والمالية، وبعدها يكون هناك تسوية داخلية للإتيان بحكومة وفاق وطني على غرار حكومات ما بعد الطائف وصولاً إلى اليوم، ولذا فإن الوزير باسيل مشى بنصيحة برّي وإن كان خلافه مع الرئيس المكلّف مستمرًا نظرًا لدور رئيس التيار الوطني الحر في التأليف كأكبر تكتل نيابي، بالإضافة الى التجاذب الحاصل مع دياب حول جملة أمور كإستبعاد الوزير السابق ديميانوس قطار عن وزارة الخارجية والاقتصاد ومن ثم ذهبت إليه وزارة العمل في حين اعتذر الوزير السابق زياد بارود عن عدم المشاركة في الحكومة العتيدة لعدم رغبة قوى التّكليف بأن يكون هناك وزراء سابقون في الحكومة الجديدة.
ويبقى أن الأبرز وما ينتظر هذه الحكومة إنما يتمثل بقدرتها على مواجهة الاستحقاقات الاقتصادية والمعيشية في ظلّ إحجام المجتمع الدولي عن المساعدة والدعم باعتباره متفرغًا لما يجري في إيران والعراق والإقليم بشكل عام، خصوصًا بعد مقتل اللواء قاسم سليماني على اعتبار أن هذا الحدث له تداعياته وهناك متغيرات وتحولات ستحصل على هذه الخلفية، لذلك فإن الحكومة الجديدة ليس بوسعها أن تحدث فرقًا كبيرًا في ظل تغيير الأوضاع القائمة نظرًا للانقسام السياسي الداخلي وغياب أطراف سياسية عن المشهد الحكومي والتوزير، وصولاً إلى الشأن الإقليمي المتوتر والذي ينذر بتطورات متلاحقة، وذلك سينعكس حتمًا على الداخل اللبناني، كذلك أن الحراك في الشارع سيبقى مستمرًا ولن يتوقف مع حكومة أو دونها لأن هناك سلسلة مطالب لن يتخلى عنها وسيواجه الحكومة العتيدة في حال لم تقم بتلبية هذه المطالب.
ونقل عن سفير عن دولة أوروبية بارزة قوله خلال جلسة مع أحد الأقطاب السياسيين إن «عملية النّزول الى الشارع سهلة، لكن الخروج منه فتلك مسألة معقّدة للغاية».