تكشف معلومات ديبلوماسية عربية، بأن انقلاباً في المشهد اللبناني الداخلي هو في طور التحضير، في ظل الحراك الديبلوماسي الغربي والعربي على أكثر من مستوى داخلي وخارجي، من أجل إعادة إمداد لبنان بالدعم الضروري واللازم من أجل الإستمرار وسط الأزمات المتلاطمة، والتي تنذر بانهيار قطاعات عدة صحية وتعليمية وطبية واجتماعية. وتفيد المعلومات، أن في مقدمة التحوّلات المرتقبة، تغيير الدور الذي كان يقوم به لبنان، وهو توظيفه كصندوق بريد لتوجيه الرسائل في المنطقة بعدما بات الوضع المالي يحول دون مواصلة الرهان على هذا الدور من قبل اللاعبين الدوليين والإقليميين على وتر الصراعات الطائفية والمذهبية.
ومن هنا، فإن التحرك الفرنسي «المستعجل» في موازاة مناخات عربية داعمة من حيث المبدأ لصمود اللبنانيين، يندرج في سياق عودة الإهتمام من قبل عواصم القرار الخارجية، بالحفاظ على المعادلة اللبنانية وعلى دور لبنان الطبيعي في المنطقة، وذلك من خلال الحياد الذي يجري الحديث عنه بقوة في الأوساط الديبلوماسية في الآونة الأخيرة، كما تؤكد المعلومات نفسها، والتي تشير إلى تقاطع في الإتجاهات الديبلوماسية الأميركية والفرنسية من جهة والعربية من جهة أخرى، بالنسبة لإعادة الإعتبار للخصوصية اللبنانية وللدور اللبناني المتمايز في المنطقة، خصوصاً على صعيد التعايش بين الطوائف والإعتدال ومواجهة الإرهاب والتطرّف.
ويبدو جلياً، وفق المعلومات ذاتها، أن الرهانات التي كانت قائمة في المرحلة الأخيرة من قبل أكثر من جهة خارجية على استغلال الساحة اللبنانية كورقة في الصراعات الدائرة قد سقطت، حيث أن الإنهيار سوق يقلب الطاولة على رؤوس الجميع، وهو ما استخلصته عواصم القرار، ودفع نحو التحوّل في المواقف بدءاً من واشنطن وصولاً إلى الإتحاد الأوروبي. ولكن هذا الواقع لا يعني بالضرورة أن الخروج من الأزمة المالية الحادة سوف يكون سريعاً ومتاحاً كما جرت العادة في السابق، وتحديداً على غرار تجارب مؤتمرات «باريس»، حيث أن المعلومات نفسها توضح أن قرار الدعم الخارجي للبنانيين، ينطلق من خطوات مباشرة باتجاه المناطق اللبنانية كلها، وباتجاه اللبنانيين من خلال المؤسّسات التي تعنى بمساعدة المجتمع والمواطنين، وبالتالي، فإن أي دعم خارجي سواء كان عربياً أو أوروبياً أو أميركياً، سيكون دعماً إنسانياً بالدرجة الأولى وليس مالياً كما يتم تصويره من قبل بعض القوى السياسية المحلية.
وعليه، تؤكد المعلومات الديبلوماسية، أن استدراك الوضع الإجتماعي الذي بدأ في العاصمة الفرنسية، سوف يترجم قريباً من خلال مساعدات مالية تقتصر فقط على أهالي الطلاب في المدارس الفرانكوفونية وبعض المدارس الكاثوليكية، وعلى إدارات هذه المدارس، وذلك بغية تفادي وقوع أزمة تعليمية، مع العلم أن مساعدات عينية ستخصّص للمزارعين من خلال البلديات في المناطق، على أن يترجم هذا الدعم في المرحلة المقبلة وتبرز تداعياته اعتباراً من آب المقبل.
وانطلاقاً من هذه المعطيات، فإن المعلومات، تنفي وجود أية مبادرات لحل الأزمة المالية، وتؤكد أن الشروط التي كانت ترافق أي دعم مالي على نطاق واسع لم تتغيّر، وهي اتخاذ الخطوات والإجراءات الضرورية لاستعادة مناخ الثقة، وليس الإكتفاء فقط بإعطاء الإشارات الإيجابية باتجاه الإصلاح، لأن تأمين عامل الثقة يتطلّب مساراً حكومياً مالياً واقتصادياً وإدارياً مختلفاً عن المسار المتّبع خلال الأشهر الماضية.