اشتباك دياب ـــ «المستقبل» يُنذر بمرحلة سياسيّة حادّة
يرتدي السجال الناشئ بين رئيس الحكومة حسان دياب وكتلة تيار «المستقبل» النيابية، طابع التصعيد الذي ينذر بمرحلة من الإشتباك السياسي الحاد، حيث ان الرسائل التي أطلقت بالأمس في أكثر من اتجاه، كما تكشف مصادر سياسية واسعة الإطلاع، تكرّس معادلة الإصطفاف بين محورين أو جبهتين، تضم الأولى السلطة الحالية، والثانية السلطة السابقة، وذلك على قاعدة المحاسبة للمرحلة السابقة، مع كل ما يحمله هذا الأمر من تسييس واضح لملفات وإجراءات وخطط إقتصادية ومالية. وتؤكد هذه المصادر، أنه على الرغم من أن تيار «المستقبل» اعتبر نفسه المعني الأول بالحملة الجارية، فإن أطرافاً سياسية وحزبية مرشّحة لأن تندرج في محور الجهة المستهدفة بكلام رئيس الحكومة حول «الأوركسترا التي تعمل ضد مصلحة البلد، وتحرّض على الحكومة لدى الدول الشقيقة لمنعها من مساعدة لبنان مالياً».
ولذا، ترى المصادر السياسية المطلعة نفسها، أن الرئيس دياب حرص على عدم تسمية هذه الجهة، انطلاقاً من الإلتزام بالمسار الذي طبع عمل حكومته منذ اليوم الأول، وهو النأي بالنفس عن المناكفات السياسية القديمة كما المتجدّدة، والتي تبقي أي معالجة جذرية للأزمة في دائرة المراوحة، لكن في المقابل، تنقل المصادر ذاتها عن مرجع حكومي سابق، أن البطء في تحقيق أي إنجاز عملاني من قبل الحكومة، خصوصاً بعد نيل الحكومة الثقة في مجلس النواب، قد ساهم في تكوين مناخ اعتراضي وضاغط على حكومة الرئيس دياب، التي تواجه مرحلة تحتاج إلى قرارات مصيرية.
ومن هنا، وبعد تفاقم الأزمة، كان من المفترض البدء باتخاذ الإجراءات لانطلاق العمل بمعالجة المشاكل المالية وفق المصادر السياسية المطلعة، حيث ان تزايد الأولويات أمام الفريق الحكومي بالكامل، وليس فقط على مستوى رئاسة الحكومة أو الوزارات المختصة بملفي الصحة والمال، قد أدّى إلى نوع من الإرباك، وخصوصاً أن عدم توافر الرؤية الواحدة إزاء ملفات دقيقة، وفي مقدمها تسديد سندات اليوروبوند التي تبدأ استحقاقاتها بعد أسبوعين.
وعلى هذا الصعيد، لم تهمل المصادر نفسها، الإشارة إلى أن الإجتماعات الماراتونية التي عقدت في السراي الحكومي على مدى الأسبوع الماضي بين وفد صندوق النقد الدولي واللجنة الحكومية المختصة، لم تؤدِّ إلى خلاصات تتناغم مع التطلّعات اللبنانية، ذلك أن الإقتراحات التي جرى تقديمها إلى الحكومة، لم تأتِ على مستوى التوقّعات، وبالتالي، فإن الحكومة مجتمعة تركّز في عملها على اتخاذ القرارات المناسبة، ولو بعد فترة من التأخير، وذلك، بالتزامن مع الكشف عن الخطة الخاصة في مطلع الأسبوع المقبل من أجل الإعلان عن كيفية الخروج من المأزق المالي أولاً، ومعالجة الوضع الإقتصادي ثانياً، واستكمال الإجراءات الميدانية في إطار الحيطة من فيروس «كورونا» ثالثاً.
وتتوقّع المصادر السياسية نفسها، أن يتّضح المشهد الفعلي اعتباراً من بداية شهر آذار المقبل، معتبرة أن الحكومة قادرة على تجاوز هذا الإستحقاق، لا سيما في ظل بروز مؤشّرات أوروبية عن طريق فرنسا، وعربية عن طريق المملكة العربية السعودية، الى وجود استعداد جدّي لمساعدة لبنان على مواجهة أزمته المالية.