IMLebanon

قلق أوروبي من تسرّب الإرهاب عبر الحدود

يحتلّ لبنان موقعا متقدّما في ذهن البرلمانيين الأوروبيين، وتبدّى ذلك ملموساً في الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة تمّام سلام مطلع هذا الأسبوع الى رئيس البرلمان مارتن شولتز وحضوره اجتماعا للجنة الشؤون الخارجية.

وقد استمع سلام، بعد مداخلته أمام اللجنة، الى مداخلات البرلمانيين الأوروبيين المهتمين بالشؤون الخارجية التي تشي بأنّ هؤلاء، على اختلاف جنسيّاتهم، يتابعون الشأن اللبناني بأدقّ تفاصيله.

ناقشت الأسئلة والمداخلات الوضع اللبناني الداخلي بعمقه الإقليمي وظهّرت بوضوح المواضيع التي ينصبّ عليها الاهتمام الأوروبي.

تثبت المداخلات وعياً أوروبياً عميقاً لقضيّة النزوح السّوري الى لبنان، وهذا ما حدا برئيس لجنة الشؤون الخارجية النائب الألماني إلمار بروك للجهر: «لو حصل الأمر عندنا لما استطعنا تحمّله، بالرّغم من كلّ الدّعم الذي قد يقدّمه الاتحاد الأوروبي». هذا الكلام، الذي تفوّه به الديبلوماسي المخضرم والصديق المقرّب للمستشارة الألمانيّة أنجيلا ميركل، تقاطع مع رأي لبرلماني فرنسي اعترف أمام نظرائه قائلا: إن مليون ونصف مليون نازح سوري في لبنان يوازي في فرنسا 12 مليون نازح، لذا فإننا نهنّئ لبنان على تحمّله هذه القضية الإنسانية الشائكة.

ويعقّب نائب آخر من «حزب الخضر» بقوله: «يستحق لبنان التهنئة على كلّ ما يفعله للنازحين، صحيح أن الاتحاد الأوروبي قدّم 3 مليارات يورو من المساعدات لأزمة برمتها، لكن أبعد من مساعداتنا، فإن لبنان يواجه خطر اللااستقرار، وبالتالي ما الذي يمكن أن نقدّمه في الشأن الأمني لمساعدة لبنان في الحفاظ على استقراره؟».

«حزب الله»

يبدو «حزب الله» حاضرا باستمرار في نقاشات البرلمانيين الأوروبيين، أما حضوره فتبدّى أساساً في ما أسماه أحد البرلمانيين «انحراف حزب الله عن دوره كمقاومة ضدّ إسرائيل، الى مهمّة دعم نظام بشار الأسد (الرئيس السوري) وبالتالي إذكاء الأزمة مع السنّة، وهذا ما أعاد عقارب التوتّر ذاته في لبنان الى عام 2005 حين اغتيل الرئيس رفيق الحريري»، متسائلا: «هل ستبقى التوتّرات المذهبيّة لوقت طويل في لبنان؟».

تحضر في البرلمان الأوروبي أزمة الرئاسة اللبنانية، لكنّ سؤال أحد البرلمانيين يتخطّى الاستحقاق الى الاستفسار عن مدى إمكانيّة تغيير نظام انتخاب رئيس الجمهورية عبر تعديل الدستور لتسهيل الانتخاب قبل العام المقبل كي لا يتمدّد الشغور أكثر!

وتنصبّ أسئلة أوروبية أخرى على إمكانية قيام «اتفاق دوحة» جديد يساعد اللبنانيين على الاتفاق على رئيس، فيجتمع حينها أمير قطر والرئيس التركي ووزير الخارجية السعودي ووزير خارجية سوريا على الملف اللبناني. وهل هذه الوساطة الإقليمية ستكون ناجعة من وجهة نظر اللبنانيين؟

من جهته، سأل أحد البرلمانيين عن مدى تأثير التمديد لولاية ثانية للبرلمان على العمل المؤسساتي في لبنان.

يتابع البرلمانيون الأوروبيون التفاصيل الأمنية للبنان بدقتها. الى أسئلة متعددة تتعلق بالدور الذي من الممكن أن تلعبه تركيا في موضوع الضغط على «داعش» في ملفات أمنية عدّة. الى هموم أوروبية تتعلق بالوضع الأمني، خصوصا في لبنان والأردن، فضلا عن غياب الحلول في فلسطين المحتلّة.

ومع التساؤل، اعتراف لأحد النواب الأوروبيين يقول فيه بصراحة: «إنّ الاتّحاد الأوروبي لا يقوم بعمل فعّال في المنطقة، وبالتالي كيف تنظرون إلينا في لبنان والمنطقة ونحن بتنا نشبه أقزاما سياسيين لأننا لا نمتلك حلولا ناجعة للمشاكل التي تواجهكم؟».

ولعلّ وضع أحد النوّاب الأوروبيين لـ«حزب الله» وللجيش اللبناني في الخانة ذاتها من حيث تأثيرهما على الاقتصاد والحياة السياسية والأمنية، في لبنان له أبعاده أيضا.

وتركّز سؤال أحد البرلمانيين الإيطاليين على تقييم لبنان للقيادة الإيطالية في «اليونيفيل» فضلا عن التوقعات بخطر «داعش» وهجوماتها المتكررة ضدّ الجيش اللبناني «المتروك لنفسه»، وهل الجيش قادر على مواجهة تحدي الإرهاب، وخصوصا أنّ أوروبا قلقة من تسرّب «داعش» عبر الحدود اللبنانية.

وتبلور مدى القلق الأوروبي من خطر الإرهاب على لبنان في سؤال أحد النواب الذي توجّه لسلام قائلا: هل سيكون لبنان المحطّة الثانية بعد سوريا للإرهاب العابر للحدود، والمحطّة التالية للحرب واللااستقرار؟ وما هو وقع النازحين السوريين على الأمن في بلدكم.. وهل طلبتم مساعدة الاتحاد الأوروبي في هذا المجال؟

وهل لبنان قادر على تحمّل خطر «داعش» وخطر انغماس «حزب الله» في الحرب السورية؟ وكيف تفسرون مساعدة لبنان لنظام بشار الأسد الذي يواجه خطراً حقيقياً مع «داعش»؟ وإذا انتصرت «الدولة الإسلامية» على الأسد هل ستكون الدولة المقبلة التي ستسقط هي لبنان؟