اذا كانت القوى السياسية المتنافسة على منصب رئاسة الجمهورية بهدف ايصال مرشحها الى قصر بعبدا تربط هذا الاستحقاق الوطني بنجاح المحادثات في برنامج ايران النووي بين الولايات المتحدة والمانيا (5+1) من جهة، وايران من جهة ثانية، التي كان يفترض الانتهاء منها امس وترجمتها اتفاقا سياسيا او اتفاق اطار او اتفاقا نهائيا تأجل الى شهر تموز المقبل، فهذا يعني ان الانتخابات الرئاسية يفترض ان تتأجل ايضا سبعة اشهر؛ واذا كان المراهنون من قوى سياسية واحزاب وتيارات يعتبرون مفاتيح اساسية في موضوع الانتخاب لان لا مصلحة لاي فريق سياسي في انتظار تلك المفاوضات التي ربما لا تكون مضمونة النتائج، فهذا يعني ان اي تقارب سعودي ايراني لن يبصر النور. وهو ما يرى عدد من قادة البلاد انه سيعجّل في انتخاب رئيس للجمهورية في حال تحقق. واللافت ان وزير الخارجية الاميركية جون كيري حريص على اطلاع نظيره السعودي على مجرى المحادثات، وهو لا يريد بالتالي اغاظة السعوية او تخويفها من اي اتفاق مع ايران على حسابها، وعلى حساب علاقاتها التاريخية والاقتصادية مع بلاده. وما يقلق هو ان الرئيس باراك اوباما يعترف بأن هناك فجوة كبيرة مع ايران حالت دون التوصل امس الى نتائج ايجابية، وسيبقى هذا الاستحقاق من دون اي حل حتى اشعار آخر.
وسأل قياديون هل من مصلحة البلاد ابقاؤها من دون رئيس للجمهورية طيلة هذه الفترة؟ أليس هناك من ارادة وطنية لانجاز هذا الاستحقاق للانصراف ومعالجة القضايا الشائكة المطروحة؟
وعلمت “النهار” في هذا الاطار، انه في ظل الاجواء المتشائمة، فان العين الدولية الساهرة على الاستقرار السياسي والامني في البلاد تجري من دون صخب اعلامي محاولات لتقريب وجهات النظر بين المتنافسين. ومن تقوم بذلك هي دولة اوروبية معنية بالاستحقاق وعضو في “المجموعة الدولية لدعم لبنان”، مع عدد من المفاتيح الانتخابية من رؤساء كتل حول مرشح ماروني من الاطراف يمكنه ان يكون توافقيا، وهو حاليا نائب وحقوقي، وكان وزيرا اكثر من مرة. قريب من 14 آذار ومقبول اكثر من سواه لدى قوى الثامن من آذار. الا ان المشكلة المطروحة حاليا بالنسبة اليه هو انه لا يرضي الجنرال ميشال عون ولا الدكتور سمير جعجع لأن ليس لديه رصيد شعبي على مستوى الوطن، بل في دائرته الانتخابية، وهذا قد يكون عائقا دون تأييده، لكن المرشح الذي تطرحه يمكن ان يكون رئيس تسوية، فهو يتمتع بصفات تؤهله لتبوؤ المنصب، وله خبرته الطويلة في العمل السياسي واللجان البرلمانية، وهو محام متمرس وذو ثقافة حقوقية عميقة الجذور.
وافاد مصدر ديبلوماسي ان رئيس الدولة الاوروبية يتحرك من اجل انتخاب رئيس للبنان، لانه قلق من الفراغ ويعتبره مغامرة لا يجوز الاستمرار فيها، في ظل تعرض لبنان لأخطار من تنظيمات ارهابية، وهو لا يستوعب الى الآن عجز القوى السياسية عن انتخاب رئيس وفقا للاصول الديموقراطية المعمول بها، ويعتبر ان على المتنافسين ان ينهيا تنافسهما الذي لن يؤدي الى نجاح اي منهما واتاحة الفرصة لرئيس تسوية والعمل لمساعدة لبنان على اجتياز الاخطار، ليس فقط الامنية بل ايضا الديموغرافية، بوجود ما يزيد على مليون و200 الف لاجئ سوري مسجل لدى المفوضية العليا للاجئين.