IMLebanon

الحراك الأوروبي يتجدّد… الحكّام على موعد مع الحساب؟

 

ما زالت أوروبا تنتظر جلاء الصورة الأميركية وتسلّم الرئيس المنتخب جو بايدن زمام الأمور لتبني على الشيء مقتضاه ولتعرف كيف ستتصرّف بالنسبة للملف اللبناني.

 

وجّهت الطبقة السياسية اللبنانية ضربة قوية للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون من خلال إفشال مبادرته التي جمع من خلالها الزعماء السياسيين في قصر الصنوبر واتفقوا على تأليف حكومة مهمّة، لكن هؤلاء السياسيين لم يضرّوا بالرئيس ماكرون بقدر ما أضرّوا بالشعب اللبناني وحرموا البلد من علاج كان بأمس الحاجة اليه للخروج من أزمته الإقتصادية.

 

وفي السياق، تؤكد مصادر دبلوماسية أن الحراك الأوروبي سيعود في مطلع السنة الجديدة لكن هذه المرّة بحذر شديد لأن الثقة مفقودة بشكل كامل بالطبقة السياسية اللبنانية، وأسلوب العقوبات لا يغيب عن بال الاوروبيين وخصوصاً الألمان الذين صدموا بمدى تغلغل الفساد في الوزارات والمؤسسات اللبنانية وخصوصاً في ملف الطاقة والكهرباء.

 

لكن الجنوح الألماني نحو معاقبة السياسيين لا يزال يصطدم بليونة فرنسية، قالها ماكرون مرات عدّة إن العقوبات ليست الطريقة الأسلم للوصول إلى الهدف المنشود، ولم يتبلور الموقف الألماني والفرنسي بعد بانتظار اكتشاف ما ستحمله أميركا من تطورات وكيف ستكون سياسة الرئيس الجديد.

 

ومن الآن وحتى إتضاح المشهد الأميركي، تبقى “القارة العجوز” بقيادة المانيا وفرنسا مصرّة على عدم إتجاه لبنان نحو النموذج الفنزويلي أو الصومالي على رغم عقم الطبقة السياسية وانكشاف الاوضاع الإقتصادية أكثر فأكثر، والدليل على ذلك هو مضاعفة المساعدات الإنسانية للأحياء المنكوبة في بيروت والعمل على إعادة إعمار منازل الناس المتضررة بطريقة مباشرة ومن دون المرور بمؤسسات الدولة لأن الدول الكبرى باتت على علم أن تلك المساعدات ستُسرق إذا مرّت عبر حكّام لبنان.

 

وتعتبر هذه المساعدات، والتي يتمدّد قسم منها خارج بيروت وذلك لمساندة الشعب في محنته، دليلاً حسياً على عدم سماح فرنسا وأوروبا للشعب اللبناني بأن يجوع أو تطاله الازمة، لذلك فان التحرّك السياسي والمالي الداعم للبنان بالشروط الاوروبية سيتكثّف في الأيام والاسابيع المقبلة من دون ان يعني ذلك أن هناك إمكانية لتحقيق خرق في مكان ما. ولا يزال لبنان يمثّل نقطة مهمة واستراتيجية في سياسات فرنسا وأوروبا مجتمعةً، إذ إن التحرّك الاوروبي ينبع أولاً من عدم السماح للدولة اللبنانية بأن تنهار، وثانياً من رغبة أوروبية في إنقاذ لبنان من مأساته، والأهم عدم ترك لبنان الدولة يسقط كلياً تحت دائرة النفوذ الإيراني الذي يتمدّد في اليمن والعراق وسوريا ولبنان.

 

وفي هذا السياق، تبدو برلين حازمة في مواجهة تمدّد “حزب الله” ونشاطه في بلادها، وعدم السماح له بأن يشكّل قوة تهديد للأمن القومي الألماني، كما أنها لا تريد أن يسيطر بشكل كامل على القرار اللبناني ويصبح الآمر الناهي في أهم بلد موجود على شواطئ المتوسط.

 

وأمام كل هذه العوامل السياسية والأمنية والإقتصادية، تبقى الانظار شاخصة إلى ما ستحمله الأيام المقبلة، وحتى تاريخ 20 كانون الثاني موعد دخول بايدن الى البيت الابيض، من تطورات ربما تمرّ بسلام أو تكون اساسية في تغيير توازنات الشرق الاوسط ولبنان وربما العالم.