الإهتمام الاوروبي بلبنان معروف وليس حديثاً، كما أنه ليس من باب المصادفة أنّ مؤتمرات الدعم للبنان ولجيشه عقدت كلها في بلدان أوروبية: من مؤتمرات باريس الثلاث ورابعها «سيدر -١»، الى مؤتمر روما فمؤتمر بروكسل.
وفي المقابل، ليس جديداً أنّ الدول الاوروبية (اتحاداً وفرادى) تنظر بقلق كبير الى ما آلت إليه الأوضاع في لبنان قدر استيائها من الفساد الذي ضرب أطنابه في هذا الوطن بحيث صرنا في ذيل لائحة الدول على مختلف الأصعدة.
وهذان القلق والإستياء كانا واضحين من خلال النظرة الأوروبية الى مشاركة جبران باسيل في مؤتمر دايڤيس، في اليومين الماضيين، وبالذات ما بدا من كلام السيدة سيغريد كاغ التي عبّرت عن موقف أوروبي واضح من خلال ازدرائها بمشاركة باسيل الذي لم تكن له أي صفة تخوّله هذه المشاركة، خصوصاً بعد تشكيل الحكومة الجديدة وافتقاد باسيل الى أي صفة رسمية.
والسيدة كاغ صديقة للبنان حملت قضيته، على الصعيد الاوروبي، وعرضتها بصدق وأمانة في غير مجال ومؤتمر أوروبي.
وعندما أثير الكلام على الطائرة وقول باسيل إنّه حضر في طائرة خاصة الى المؤتمر قدّمها له أحد الأصدقاء، كان تعليق كاغ أنه لا يحق لنا مثل هذا في بلدنا.
وللذين لا يعرفون فإنّ توجه طائرة من بيروت الى جنيڤ، يستغرق طيران أربع ساعات ذهاباً ومثلها إياباً، وساعة الطيران الواحدة تكلف ما بين سبعة آلاف و٩ آلاف دولار… أي أنّ الرحلة تكلف، في نفقات الطيران وحدها، نحو ٨٠ ألف دولار… ومثل هذا الإنفاق الكبير لا يتولاه «الأصدقاء» لوجه الله، ومن دون أي مقابل.
إنّ كلام السيدة كاغ مشفوعاً بموقف الاتحاد الاوروبي من تشكيل الحكومة وكذلك الموقف الفرنسي على الخصوص، هي فعلاً رسائل الى مَن يعنيهم الأمر في لبنان بأنه «طفح الكيل»، وبأنّ هذا الفساد يجب أن ينتهي وبأنّ الحكومة أمام اختبار أكيد…
ولم يكن تفصيلاً بسيطاً أن يكون الحوار التلفزيوني الذي أُجري مع باسيل على هامش المؤتمر قد تناول أموراً داخلية محدّدة مثل الفشل في حل أزمة الكهرباء، والعجز عن حل أزمة السير بين جونيه وبيروت على سبيل المثال لا الحصر.
إنّها رسائل إيجابية كان بعضها موجهاً مباشرة الى جبران باسيل كمثال نافر على كل ما ترفضه المجموعة الاوروبية وتتحفظ عنه في لبنان، أو كان موجهاً الى الحكومة الجديدة.
ويخطئ من يعتقد أنّ هذه الرسائل ستنتهي عند توجيهها، بل انّ لها مفاعيل ستكون قاسية إذا أصرّ العهد وإذا أصرّت حكومة اللون الواحد، حكومة «حزب الله»، على تجاهل الشعب اللبناني والرأي العام الدولي… والآتي قريب.