Site icon IMLebanon

إنتصارات جهنمية

 

 

في حين نضج القرار الأوروبي بفرض عقوبات على السياسيين اللبنانيين المعطلين البلد لمصالحهم الخاصة وخلافاتهم البشعة، أطل ممانع شرس يتباهى بتزامن تلقيه الجرعة الثانية من لقاح فايزر الأميركي عشية ذكرى “النصر الإلهي” ضد الشيطان الأكبر الذي لا يزال يحاصر المقاومة ويتسبب بتجويع الأمة. لم تظهر على ملامح صاحبنا إلا مظاهر الفرح والحبور والزهو، متجاهلاً تزامن الذكرى مع موت الصغيرة جوري السيد بسبب إزدهار البلد بكل مرافقه ومؤسساته، وتحديداً مؤسساته الإستشفائية، تحت خيمة العهد القوي الذي أتحفنا به المحور الإيراني بعد تعطيل طال أمده، ولا يزال يستخدمه ويحميه، كما يحمي سائر فطاحل المنظومة لحاجته إليها.

 

كذلك تجاهل فظاعة الإستخفاف بعقول اللبنانيين الذين لم تعد تقوم لهم قيامة بفعل ضربات قاضية تطيح بأدنى مقومات العيش، من خلال تبرير المشاريع الجهنمية التي لا تزال ترتكب جرائمها بحق اللبنانيين خدمة للمحور الإيراني، سواء بنسف الحياة الاقتصادية والأمان الإجتماعي بعد نسف الدولة بمفهومها ومؤسساتها وتحويلها إلى دولة فاشلة عبر سلسلة الإغتيالات لشخصيات كانت تشكل عقبة لمشروع محور الممانعة. ما أدى إلى تدجين طبقة سياسية على قياس المحور، مهما حارت ودارت وفارت، فهي لا تتجاوز الخطوط الحمر. ومهما تقلبت الأحوال وتشنجت، مسموح لها أن تتراشق وتتناتش ما يمكن تناتشه، ولكن شرط أن تمشي على العجين المرسوم لها ولا تخربه.

 

ناهيك عن المفارقات المكدسة بين نغمة الإتهامات المتجددة للولايات المتحدة بنسخة طازجة، تتعلق بالحصار المسبب لكل الأزمات التي يعيشها لبنان، في سعي سخيف وساذج للتهرب من المسؤولية بشأن ما أرتكبت هذه الممانعة من جرائم بحق اللبنانيين.

 

وأيضاً من خلال نسف التحرك الشعبي الذي يشكل قاطرة لقيادة التغيير، بالترهيب وصولاً إلى القتل والتجويع والقضاء على القطاعات الحيوية وصولاً إلى الإفقار.

 

ومع هذا يكفينا مجد “الإنتصار الإلهي” على العدو الإسرائيلي الغاشم، الذي استعرض البلاء اللبناني ليستنتج أن “لبنان كان دولة عشية هذا الإنتصار، واليوم، لبنان فريسة تنتظر مفترسها. إنه ساحة معركة مستقبلية للحرب التي من المؤكد أنها ستندلع”.

 

وكثيرة هي أسباب هذه الحرب المستقبلية، إلا أن أكثر ما يوجع يبقى أنها ليست بفعل مؤامرات العدو الإسرائيلي الذي يفترض بقاؤه بعبعاً تتقاطع مصالحه مع مصالح أصحاب المشروع الإيراني ومن يستخدمهم لتنفيذه.

 

لذا، ليس مهماً إن شكلت صلاحيات الرئيس القوي وصلاحيات المقام السني الأعلى المفتاح لهذه الحرب في صراع التيار البرتقالي والتيار الأزرق. فالمحور سيبقى ضابط الإيقاع في هذه الخلافات، وقد يزوِّد الطرفين بصواريخ ذكية لزوم استكمال عدة الشغل.

 

وليس مهماً ان تحول الفقراء اللبنانيون الى براميل حقد متفجرة جراء ارتفاع منسوب الظلم والفقر في غياب أي سمة من سمات الحكم بصفته ملح الأرض والضامن للأمن والاقتصاد والحياة الاجتماعية السوية. فما يجري في زواريب طرابلس يؤشر إلى أن تفشي السلاح في أيدي الفقراء يخفي الكثير.

 

وبالطبع، هذا الواقع لا يؤثر في أن “الإنتصار الإلهي” يكفي ليشعر من يدور في فلك المحور بالأمان، وكأن ما يحصل في لبنان لا يعنيه من قريب أو بعيد، وإذا مسه، فالحق على غير هذا المحور وأذرعه التي لا تعرف إلا الخراب، وحتى تحتكر الجنة تقود الجميع إلى الموت الزؤام.

 

وهات على إنتصارات جهنمية…