IMLebanon

الاتحاد الأوروبي يكسر قرار لبنان… والحلبي: سننفذه بلا إذنه

 

 

إستبق مفوض الشؤون السياسية والخارجية والامن في الاتحاد الاوروبي جوزيب بوريل انتهاء مؤتمر بروكسل الخاص «بدعم سوريا والمنطقة»، بإعلان رفض الاتحاد اعادة النازحين السوريين من لبنان وسواه من دول مضيفة، وتأكيد دعم هذه الدول بمبالغ شبه رمزية لا تُغني ولا تُسمن من جوع. ثم أعلن الإتحاد الأوروبي، أمس، «تمديد أنظمة العقوبات ضد سوريا إلى مطلع حزيران 2025». ما يعني عدم تجاوب اوروبا مع خطة لبنان لإعادة النازحين.

ما صدر عن الاتحاد الاوروبي قبل مؤتمر بروكسل وبعده، يؤكّد المؤكّد والمتوقع سلفاً حول سلبية التعاطي الغربي مع لبنان في موضوع النازحين، برغم كل اللقاءات والاتصالات والزيارات التي قام بها رئيس الحكومة ووزير الخارجية، وبرغم تحرّك القوى السياسية اللبنانية أمس امام مقر الاتحاد الاوروبي، وبرغم توصية المجلس النيابي بالاجماع للحكومة حول كيفية معالجة ملف النازحين، وهو الممثل للشعب اللبناني، وبرغم خطة عمل الحكومة التي عرضها الوزير عبد الله بوحبيب امام المؤتمر، وهو سيستأنف اليوم لقاءاته في بروكسل بلقاء وزيرة خارجية بلجيكا ووزيرة التعاون الدولي، ومسؤولين آخرين، على أن ينتقل بعدها الى باريس لإجراء لقاءات ومواعيد «مُقررة سابقاً» تتعلق بمسألة النزوح السوري وقضايا أخرى تهمّ الطرفين اللبناني والفرنسي.

 

لم يعد من شكوك انّ الكثير من دول الغرب، لا سيما الولايات المتحدة الاميركية والمانيا وفرنسا وبريطانيا، تتعاطى مع ملف النازحين بخلفية ومعايير وحسابات مختلفة تماماً عمّا يريده لبنان، وبما يلبّي مصالح هذه الدول السياسية وما تخططه لسوريا ولا يلبّي مصلحة لبنان، بدليل تمديد العقوبات على سوريا سنة اضافية، والأهم ان هذه الدول تعترض على إجراءات السلطات اللبنانية الحكومية والامنية والبلدية لتطبيق القوانين على كل النازحين واللاجئين غير الشرعيين على اراضيه، بما يعني كسر القرار السيادي اللبناني بممارسة حقه غير القابل للمُساءلة في تطبيق قوانينه على المقيمين أيّاً كانوا، أسوة بالدول التي تمارس حقوقها السيادية في كل الميادين ولا يراجعها احد.

 

الموقف الاوروبي متوقع ومحسوب، لكن السؤال كيف سيتعاطى لبنان معه؟ وهل يستمر بتطبيق الاجراءات المقررة لترحيل اللاجئين والنازحين غير الشرعيين؟

 

لم يتطرق مجلس الوزراء في جلسته امس الى كيفية مواجهة قرار الاتحاد الاوروبي، لكن وزير التربية وزير الاعلام بالوكالة الدكتور القاضي عباس الحلبي قال لـ«الجمهورية» بعد الجلسة: ان الحكومة قررت تشكيل لجنة برئاسة نائب رئيس الحكومة للتواصل مع الحكومة السورية وعضوية بعض الوزراء سيقرر اعضاءها مجلس الوزراء في جلسته المقبلة، للتنسيق مع سوريا من اجل إعادة النازحين، وباتت لدينا معايير موحدة لترحيل النازحين غير المسجلين رسمياً وغير الحاصلين على إقامات شرعية والموجودين لأسباب اقتصادية والمحكومين بجرائم مختلفة. لكن بالطبع الدولة عاجزة عن ترحيل مليوني نازح دفعة واحدة ولن يصدّق احد انه يمكننا ذلك، لكننا نعمل على تخفيف وجود غير الشرعيين منهم قدر المستطاع.

 

اضاف: لدى لبنان قرار سياسي سيادي وسننفّذه، ولا نريد إذن الاوروبي وغير الاوروبي لتنفيذه، والاجراءات التي قررتها الحكومة والجهات المعنية ستستمر.

 

وبانتظار تشكيل اللجنة الوزارية – علماً أنه سبق تشكيل عدة لجان وزارية وأمنية للتواصل مع سوريا ولم تقم بالمطلوب الكافي ولم يحصل أي تقدّم بالملف لأسباب تتعلق بلبنان وبسوريا ايضاً – فإنّ أي تواصل مع الاتحاد الاوروبي في المرحلة المقبلة وبخاصة تواصل النواب عبر «الدبلوماسية البرلمانية» للتجوال في عواصم العالم المعنية بالموضوع، لم يعد يُجدي نفعاً، فما كتبته اوروبا واميركا قد كُتِبَ ولن يقنعهما أحد بغير التوجّه الذي رَسَماه للتعاطي مع الازمة السورية بكل مفاصلها، ومنها ازمة النزوح. وتمديد العقوبات سنة اضافية يعني تمديد الضغط السياسي والبشري والاقتصادي على سوريا، بحيث انه لن يُمكّنها من معالجة اي ملف اقتصادي او معيشي او اجتماعي، فكيف بمعالجة ملف يتطلب اموالاً هائلة لإعادة بناء البنى التحتية واعادة إعمار ما تهدم في المدن والقرى وتأمين فرص العمل للعائدين؟.

 

على هذا لم يبقَ امام البلدين سوى حل المشكلة بالتنسيق بينهما وبما يتلاءم مع مصلحتهما وهي مصلحة مشتركة، لكن على حكومة الرئيس نجيب مقاتي هذه المرة ان تأخذ القضية على محمل الجد في التنفيذ ولا تلتفت الى كلام الغرب وتهديداته، وإلّا تصبح متواطئة معه.