Site icon IMLebanon

الأوروبيون: حلم العودة… أم جرعة أمل للحلفاء؟

أمنُ الخليج هو أمنُنا، وبريطانيا ستساند الدول الخليجية في «التصدّي لعدوانية» إيران، موقف لرئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، أمام قادة دول الخليج المجتمعين في المنامة، خلال أعمال قمّة «مجلس التعاون الخليجي» في نسختها السابعة والثلاثين.

تعهّدت ماي «بأنّ بريطانيا تريد أن تقطع التزامًا أكثر استمرارية واستقرارًا بأمن الخليج في الأجَل الطويل، كما تريد استثمار أكثر من 3 مليارات إسترليني، في إنفاق دفاعي في المنطقة على مدى السنوات الـ 10 المقبلة»، مشددةً على أنّ «أمن الخليج هو أمنُنا».

في المقابل، صرّح الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بأنّ «العرقلة المنهجية التي تمارسها روسيا تتماشى مع منطق التدمير الذي يتبعه نظام بشّار الأسد، والذي يمسّ المدنيين العزَّل». أتى تصريحه هذا، ضمن الجهود الذي تبذلها فرنسا للعودة إلى المنطقة كلاعبة أساسية، هذه المرّة من البوابة السورية.

بعد خروج الاستعمار الأوروبي، خصوصًا فرنسا وبريطانيا، من منطقة الشرق الأوسط نتيجة الثورات الاستقلالية للبلدان العربية. وبعد العدوان الثلاثي الفاشل على مصر، ومن خلاله تمّ طرد النفوذ الأوروبي نهائيًا من المنطقة، ليحلّ مكانه النفوذ الأميركية والإتحاد السوفياتي آنذاك.

وحكومات تلك الدول تعمل بجدّية للعودة إلى المنطقة، عبر إعادة فرض النفوذ، من خلال خلقِ جماعات داعمة لها، والمعارضة السورية اليوم هي أبرز هذه الجماعات.

وجَدت حكومات الدول الأوروبية نفسَها، أمام سلسلة من الأحداث التي عليها التعامل معها لتحقيق غاياتها. من أبرزها:

– التغيّر الواضح في السياسة الأميركية، مع وصول الرئيس ترامب إلى سدّة الرئاسة. إذ تُظهر التعيينات التي يجريها داخل الإدارة الأميركية، أنّ أميركا متّجهة إلى التشدّد في التعاطي منفردةً في الملفات الخارجية انطلاقًا من المصالح الأميركية.

الأمر الذي دفعَ الدول الأوروبية للعمل جديّاً لدخول الساحة الدولية لحماية مصالحها. هذا ما عبّر عنه وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرولت عندما حثّ الولايات المتحدة على تفادي «المغامرة الإنعزالية» عقبَ الانتخابات الأميركية.

– معركة حلب، وما تحمله من رسائل في أكثر من جهة. إذ حقّق الجيش السوري وحلفاؤه مكاسبَ سريعة ضد المعارضة المدعومة من الغرب في الأسبوعين الماضيين. هذا الانتصار الذي سيستغّله كلّ من روسيا وإيران، لمصلحة دعمِ مصالحهما في المنطقة على حساب مصالح الدول الغربية، ما يحثّ الدول الأوروبية لدعم حلفائها في المنطقة، عبر منعِ سقوطها في يد النفوذ الإيراني والروسي.

– المنظّمات الإسلامية المتطرّفة، التي باتت تفرض على المنطقة واقعًا مغايرًا للمعاهدات التي فرَضتها الدول الغربية سابقًا. يعطي هذا دفعًا جديًّا لتلك الدول للدفاع عن مصالحها الحيوية في المنطقة، عبر زيادة الدعم العسكري والمادي للدول الصديقة كي تبقى معاهداتُها التي تحمي نفوذَها

قائمة.

إنّ المعركة في الشرق الأوسط، لم تعُد معركة نفوذ، بل هي معركة وجود. بسبب الميدان الذي يشهد تقدّمًا للنفوذ الإيراني ومجموعاته حيث يَرسم مناطق نفوذه. فالحلم الإيراني، المدعّم بحلم روسي في المنطقة، يضع الغربَ أمام تحدٍّ حقيقي وجودي لنفوذه ومصالحه.

لمنعِ هذا التقدّم، تعمل الدول الأوروبية مع حلفائها المحليين لمنعِه، من خلال زيادة الدعم للمعارضة المسلحة بالأسلحة النوعية والمتطوّرة، بهدف قلب المعادلة على أرض القتال.

أخيرًا، لن تقبل تلك الدول التي رسَمت خريطة المنطقة منذ أكثر من مئة عام من سقوطها. فمن المتوقّع أن تعمل بجدّية وفعالية مع حلفائها كي تعيدَ خَلط الأوراق من جديد، بعد دخول الروسي كلاعب رئيسي من جهة، وخوفًا من اجتياح الاقتصاد الصيني أسواقَ المنطقة من جهة أخرى.

لذلك، فالمرحلة المقبلة، ستَشهد حماوةً سياسية وعسكرية من قبَل الدول الأوروبية، ما سيولّد المزيدَ من المعارك في أكثر من منطقة قد تمتدّ نيرانها إلى أبعد من سوريا والعراق.