IMLebanon

.. حتى ننتصر في الداخل!

فيما اقتصرت جلسات مجلس النواب المخصّصة لانتخاب رئيس للجمهورية على فولكلور إقفال الطرقات، والحضور الخجول وإعلان التأجيل، كانت حدود لبنان الجنوبية تشهد سيناريو حرب 2006، وعاش اللبنانيون ساعات من الترقّب حول إمكانية الإحتواء أو حتمية الإنزلاق في مواجهة شاملة ومُدمِّرة مع العدو الإسرائيلي. أمّا الجبهة الشمالية الشرقية فلا تزال تنزف شهداء للجيش اللبناني، وهي قابلة للإشتعال بأية لحظة، ضمن هجمة الإرهاب على لبنان وسعي الجماعات المتطرّفة الى التسلّل إلى الداخل الذي يراهنون على هشاشة تماسكه وعمق انقساماته. إلّا أن الجبهة الموحَّدة الداعمة للجيش شكّلت مظلّة وطنية، درأت الفتن وأحبطت المحاولات بإشعالها من الداخل في حروب مذهبية عبثية.. إلّا أن الدعم المعنوي وحده لا يكفي، بانتظار أن يُترجم الدعم اللوجستي المقرّ على الأرض، أي بالسلاح المناسب لتعزيز قدرة المؤسسة العسكرية على مواجهة الإرهاب وفرض سلطة الدولة على كافة الأراضي اللبنانية، في خطوة ثابتة نحو حصر السلاح بالشرعية، عندها يكتمل السدّ الوطني المنيع بجبهة واحدة لمواجهة الأخطار الأمنية المحيطة بالوطن من كل حدب وصوب.

إن إبقاء الإنتخابات الرئاسية رهينة التسويات الإقليمية بدءاً من الأزمة السورية وصولاً إلى مفاوضات النووي الإيراني، يُبقي أبواب الوطن مشرّعة لكل العواصف المحيطة، وعُرضة لأسوأ السيناريوهات دون تسليح الداخل بأية أوراق مواجهة في حال استدعت الضرورة.. وبالتالي ينسحب الإفلاس السياسي على مختلف المرافق الإجتماعية والإقتصادية، في ظل عجز واضح عن القدرة على مواجهة التحديات ووضع حدٍّ لارتداداتها. ويبقى الرهان على مبادرات الحوار التي انطلقت بين الشركاء على أن تكون مُثمرة ومُلزمة لأصحابها بالحدود الدنيا من التفاهمات، حتى تستمر أجواء التفاؤل التي سادت الشارع مؤخراً، بعيداً عن التشنّجات والضغط المستمر نحو التصعيد.

لقد وُلد الشهيد علي السيد من جديد مع ولادة طفله الذي سيعيش في كنف أمٍ تروي له بطولات الأب الشهيد، ودولة تنعي وتقلّد النعوش الأوسمة وتنتظر الفرج، المادي والمعنوي، من الخارج.. وطبقة سياسية ضحّت بالوطن لأجل انتماءاتها وتحالفاتها، ومؤسسة عسكرية لربّما تراوده الأحلام أن يقتدي بوالده فيلتحق بها، لكن لعزّة الوطن وكرامته في شرعيته وليس للإستشهاد على مذابح المصالح الضيّقة والوطنية المفقودة!

لبنان ليس بحاجة لثورة تولد من رحم الأحزان بل لصحوة فئة تُعيد الحياة لدولة المؤسسات وتُعيد قطيع مواطنيه إلى راعيهم الأول: لبنان!