أحداث طرابلس مرشَّحة للتجدّد في مناطق أخرى ما دام لبنان يتخبّط بالفراغ السلطوي و«حزب الله» يقاتل في سوريا
إعتماد المساواة في تطبيق الإجراءات الأمنية يقلّص من فرص تنامي التنظيمات الإرهابية
مصدر نيابي: إنتهاء معركة طرابلس والشمال على النحو الذي عايشه اللبنانيون لا يؤشر إلى القضاء نهائياً على العناصر الإرهابية بل يطرح مزيداً من التساؤلات..
يستبعد مصدر وزاري بارز أن تكون معركة طرابلس والشمال التي خاضها الجيش اللبناني ضد عناصر إسلامية متطرفة الأخيرة في سلسلة المواجهات والمعارك التي بدأت مع التنظيمات الارهابية مع تصدير النظام الأسدي لتنظيم «فتح الإسلام» الإرهابي الى مخيم نهر البارد في العام 2007 ومنحه كل التسهيلات التسليحية والميدانية للسيطرة على المخيم واستهداف أمن واستقرار الدولة اللبنانية ككل ومروراً بما حدث بعد ذلك من اشتباكات وأحداث دموية على صلة بتداعيات الثورة السورية، إن كان في عرسال أكثر من مرة أو شرق صيدا، بل قد تكون معركة ضمن هذه المواجهات الدموية التي دفع فيها الجيش اللبناني والمدنيون الأبرياء ثمناً باهظاً وضحايا جدداً ومرشحة للتجدد والاشتعال في أكثر من منطقة لأكثر من سبب، أولها لانغماس لبنان في حال من الفراغ السياسي والسلطوي، وثانياً، استمرار الحرب الدائرة في سوريا وما يتفرع عنها من حرائق وتشابكات جديدة لا سيما مع قيام تنظيم داعش الارهابي وغيره وتداعيات هذا الواقع الملتهب على لبنان وخصوصاً على الحدود المشتركة ولوجود مئات آلاف من اللاجئين السوريين وبينهم العديد من الذين ينضوون ويشاركون في هذه الحرب ويتفاعلون معها، والسبب الثالث هو مواصلة «حزب الله» مشاركته بالقتال الى جانب نظام الأسد تحت حجج وذرائع مزيفة تتغيّر مع تغيّر الواقع الميداني على الأرض لدغدغة مشاعر المؤيدين وصرف انتباههم عن الخسائر الباهظة التي يتكبدها الحزب هناك وما ترتبه هذه المشاركة العسكرية من ردات فعل وتفجيرات وما شابه تطال الداخل اللبناني كما حدث مراراً وأوقعت العديد من الضحايا والخراب واستهداف الأمن والاستقرار في لبنان.
وفي رأي المصدر النيابي أن انتهاء معركة طرابلس والشمال على النحو الذي عايشه اللبنانيون ميدانياً خلال الأيام الماضية، وما نشر في وسائل الإعلام، لا يؤشر الى القضاء نهائياً على هذه العناصر الإرهابية التي اشتبكت مع الجيش اللبناني، بل يطرح مزيداً من الأسئلة عن إمكانية تواري هذه العناصر واختفائها في بؤر ومناطق محظورة كما حدث في مواجهات سابقة وانتهت الى هرب العناصر الارهابية الى بعض المخيمات الفلسطينية أو الى داخل الأراضي السورية، الأمر الذي قد يؤدي الى عودة بعض هذه العناصر الإرهابية متى سنحت الظروف الأمنية المترجرجة لتنفيذ مخططات أو أعمال وجرائم إرهابية جديدة تحت حجج وذرائع مختلفة يساهم «حزب الله» بمشاركته بالقتال في سوريا مساهمة فعّالة في استدراجهم الى لبنان والظهور مرة جديدة على مسرح الأحداث إن كان في طرابلس أو غيرها من المناطق ذات الحساسية والقابلة لإشعال مثل هذه المواجهات الدموية.
ومن وجهة نظر المصدر النيابي فإن منع تجدد مثل هذه المواجهات والمعارك المسلحة مستقبلاً في لبنان يبدو مستحيلاً في ظل استمرار وجود السلاح غير الشرعي بيد «حزب الله» وبمعزل عن إمرة الدولة اللبنانية، الامر الذي يؤدي مباشرة الى ردات فعل وخلق ذرائع للعديد من هذه التنظيمات والجماعات المتطرفة وغيرها للتزود بالسلاح وممارسات نشاطات واعمال ارهابية واستهداف الامن والاستقرار كما حدث في بعض مناطق طرابلس وغيرها، بحجة حماية انفسهم ومناطقهم من ظلم وتعدي بعض الاحزب ومجموعات المرتزقة التي يزودها «حزب الله» بالسلاح والمال كما هو معلوم للجميع لاثارة الفتن والقلاقل في مناطق نفوذ خصومه السياسيين في محاولة مكشوفة لاضعافهم سياسياً وشعبياً للتفرد والاستئثار بالقرار السياسي والسلطوي للدولة اللبنانية لصالح مخططات واهداف المشروع الايراني بالمنطقة العربية عموماً.
ويعتبر المصدر النيابي ان هناك مسؤولية كبيرة على السلطة السياسية ككل وعلى الجيش والقوى الامنية كلها لمنع تكرار مثل هذه المواجهات والمعارك الدموية المكلفة بشرياً ومادياً على اللبنانيين جميعاً، تبدأ بإنهاء الفراغ الرئاسي وبتنفيذ الخطة والتدابير الامنية التي اقرتها الحكومة بعد تشكيلها مباشرة على كل المناطق من دون استثناء او تمييز وملاحقة كل المطلوبين للعدالة على حدٍ سواء وأن لا تقتصر تدابير الملاحقة على مجموعة من المواطنين او منطقة معينة دون المناطق الاخرى، تنفيذاً لتوجهات وسياسة طرف محدد، لئلا يؤدي مبدأ التفرقة بالمعاملة كما حصل اثناء تطبيق الخطة الامنية للحكومة من جانب بعض الاجهزة المعروفة الولاء الى بروز حالة من النقمة وتأجيج مشاعر الغضب ضد السلطة والجيش واجهزته على حدٍ سواء، الى افساح المجال امام هذه التنظيمات والعناصر المتطرفة للتواجد من جديد وجذب مؤيدين جدد من الناقمين الى صفوفها وهذا الامر ليس صعباً وقد حصل في اكثر من منطقة من قبل، والتأسيس لجولة جديدة من المواجهات والمعارك العسكرية التي لا يمكن لاحد التكهن بنتائجها في كل مرة في ضوء الصراع المذهبي المفتوح في المنطقة على كل الاحتمالات.
ويخلص المصدر النيابي الى القول انه لا بد من استخلاص العبر مما حدث في طرابلس والشمال مؤخراً وتوظيف الدعم السياسي الكبير الممنوح للجيش والقوى العسكرية لمواجهة الجماعات والتنظيمات الارهابية المتطرفة، لاعتماد ذات الاجراءات والتدابير لملاحقة المطلوبين وحملة السلاح والمشتبه فيهم وشبكات خطف المواطنين في كل المناطق من دون استثناء، لئلا يؤدي التمييز الى نتائج عكسية وردات فعل غير محمودة ولا يمكن التكهن بنتائجها على مصير الدولة ككل