هل “الكل خرج رابحاً” من الأزمة التي افتعلت حول الجلسة التشريعية على طريقة البرنامج التلفزيوني الفرنسي للاطفال الذي يحمل عنواناً هو ان الكل يربح، ام ان ما جرى هو درس للجميع بان التسوية انما تعني تنازلاً من الجميع وان ذلك في حال شموله جلسة تشريعية لمجلس النواب انما يفترض انه يشمل في الدرجة الأولى انتخابات رئاسة الجمهورية؟
الكل ربح بمعنى خروج كل من الأفرقاء المعنيين بهذه الأزمة المفتعلة بماء الوجه. اذ تقول مصادر وزارية ان الكل خاسر وليس رابحاً وما حصل هو تقليل للاضرار نتيجة رفع الأفرقاء سقوفهم الى درجة عدم امكان تلبيتها أو الحصول عليها. الخلاصات الأساسية والأولية هي: ان الجلسة ستعقد حيث ستقر القوانين المتعلقة بالشؤون المالية والتي بدا واضحاً أن أحداً لا يستطيع تحمل مسؤولية ان يرفض انعقاد الجلسة لهذه الغاية. وسيتم خلالها تأليف لجنة من أجل دراسة قوانين الانتخاب لمدة شهرين على ان يدعو رئيس المجلس الى جلسة للهيئة العامة يوضع على جدول أعمالها ما تم التوصل إليه اياً تكن النتائج. ثم ان عراضة القوة التي اظهرتها القوى المسيحية والتي ضمت “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” متوعدة بخطوات على الأرض الى جانب محاولة اغراء الكتائب أيضاً بالانضمام الى هذه العراضة تفترض سؤالاً لا بد ان يبرز حول عدم استخدام هذه القوى عرض القوة المؤثر في حالة السعي أو الضغط الى تأمين انتخاب رئيس للجمهورية انطلاقاً من ان الرأي العام يعتقد ان هناك مصلحة مسيحية حقيقية بانتخاب رئيس وليس العكس وفق ما يرى كثر باتوا يتساءلون اذا كان من مصلحة القوى المسيحية كما سواها من القوى السياسية في البلد في انتخاب رئيس للجمهورية فعلاً في الوقت الذي تمارس كل من هذه القوى سيطرة ونفوذاً متفلتاً من وجود رئيس. يضاف الى ذلك خلاصة ثالثة قبل ان يطل الأمين العام لـ”حزب الله” ويدعو الى سلة متكاملة تشمل رئاسة الجمهورية وقانون الانتخاب ورئاسة الحكومة والحكومة، ان قانون الانتخاب هو اولوية يراد منها ان تستبق أو توازي الاتفاق على رئيس للجمهورية علماً انه اصعب من التوصل الى اتفاق على رئيس للجمهورية ولا أحد يمكن ان يسلم رقبته الى خصمه أو الى أي طرف آخر في الظروف الراهنة متى كان القانون كما قال السيد نصرالله رئيسياً في اعادة تكوين السلطة. ويضاف أيضاً سعي كل من حلفاء القوى المسيحية الى استيعابها من خلال مسعى الرئيس سعد الحريري مع رئيس حزب “القوات اللبنانية” ومسعى “حزب الله” مع زعيم التيار الوطني الحر.
في “تقريش” التسوية وحساباتها بين الأطراف، فان استمرار الجلسة في موعدها هو انتصار للرئيس نبيه بري الذي بقي متمسكاً بموعد انعقادها التزاماً منه لتواريخ لا يمكن اللعب بها وعدم إدراجه قانون الانتخاب في هذه الجلسة انسجاماً مع ما كان يقوله من تعذر هذا الأمر لوجود 17 قانوناً للانتخاب بحيث لن يكون ممكناً إقرار أي منها.
الرئيس سعد الحريري تولى بنفسه تظهير المخرج وإعلانه الذي يبدو أنه أرضى “القوات اللبنانية” وساعد رئيسها الدكتور سمير جعجع كما يقول وزراء على الخروج من مأزق الاصرار على وضع قانون الانتخاب على جدول أعمال الجلسة التشريعية ما مكن جعجع من اصلاح ذات البين اقله من حيث المبدأ والذي تسبب به مع تيار المستقبل في مواقفه الأخيرة التي اطلقها في مؤتمره الصحافي. فيما يبقى الشرخ الذي أحدثه جعجع مع النواب المستقلين الذين امطروه باتصالات هاتفية عتباً وانزعاجاً من مواقفه التي بدت إلغائية للمستقلين متماهياً مع مواقف حليفه المستجد العماد ميشال عون في هذا الصدد.
العماد عون الذي دخل “حزب الله” على خط اقناعه بالتسوية التي تم التوصل إليه حظي كما حليفه المستجد الدكتور جعجع بمكسب مضمون هو قانون استعادة الجنسية على رغم أن آراء الأوساط السياسية على اختلافها خارج المكونين المسيحيين المعنيين غير مقتنعة بأن القانون يصب في مصلحة المسيحيين وهو لا يفيدهم لان من هاجر ويهاجر من المسيحيين لا يعود الى لبنان وهؤلاء ليسوا مهتمين بالانتخابات النيابية التي تريد القوى المسيحية اصواتهم من أجلها بدليل عدم تسجيل اللبنانيين انفسهم في الخارج من أجل الانتخابات. لا بل ان هناك صعوبة في المحافظة على المسيحيين الموجودين في لبنان. وحظي عون مع جعجع بالوعود بإدراج قانون الانتخاب على جدول أعمال أي جلسة تشريعية مقبلة الأمر الذي يعزز وضع كل منهما إزاء قاعدته باعتبار انهما نالا ما ضغطا من أجل حصوله تحت وطأة تهديدهما باللجوء الى الشارع. لكنهما أظهرا أيضاً انهما في حال اتفاقهما مع بعضهما فإنهما يهددان الآخرين على الساحة المسيحية. ومن هذه الزاوية نفذ النائب سليمان فرنجية مجدداً قوة مقبولة اسلامياً اكثر واقعية من المزايدات التنافسية بين التيار العوني والقوات اللبنانية فلم يتردد النائب وليد جنبلاط في ان يغمز من قناته خصوصاً في ظل اعتقاد بات يسري لدى البعض بان التخلي عن بشار الأسد في سوريا قد يحسن فرصة النائب فرنجيه بالوصول الى الرئاسة في ظل اداء تمايز فيه ويتمايز عن حليفه العوني وعن القوات اللبنانية ويجعله مقبولاً في حين ان ابقاء الأسد في ظل أي صيغة قد يعرقل هذه الفرص لاعتبارات معروفة.