IMLebanon

الجميع مسؤولون  

 

بصراحة بعد مرور ٢٩ يوماً على «الحراك» كنا نتوقع من فخامة الرئيس الذي أطلق عليه «بيّ الكل» أن يكون أكثر إستيعاباً للحراك الشعبي، لأنّ القائمين بهذا الحراك هم أبناؤه كونه الرئيس و»بيّ الكل».

 

لا نريد أنْ ندخل في مسألة «هاجروا»، وكان المفروض أن يدعو الى حوار مع «الحراك» ولا نظن أنه لو كانت هناك نيات طيبة عند الجميع يتعذر إيجاد حلول.

 

إنها مسؤولية الجميع، صحيح أنّ المسؤولية الأولى تقع على رئيس الجمهورية، فـ»الحراك» أيضاً لديه مسؤولية إيجاد الحل.

 

نحن نفتش على الحلول للأزمات الموجودة وهي: الكهرباء، البطالة، المياه، النفايات والهجرة (…).

 

ولسنا ندري من الذي أشار على فخامته بهذا الحديث، خصوصاً أنّ الاستشارات النيابية الملزمة لم تبدأ بعد، وهذا يعني أنّ الرئيس يعلم جيداً أنّ واجبه أن يدعو الى هذه الإستشارات، والتأخير بالدعوة ربما لأنّ الرئيس ينتظر الظرف المناسب، فكيف يجري المقابلة الصحافية – التلفزيونية قبل إجراء الإستشارات؟

 

واللافت أنّ الرئيس لم يستطع إلاّ أن يأتي على ذكر صهره جبران باسيل في خلال المقابلة محاولاً تحسين صورته وإعطاءه براءة ذمة وتصويره وكأنه متعفف عن المشاركة في الحكومة.

 

ولا شك في أنّ رئيس الجمهورية يعرف، أكثر من سواه، أنّ الحكومات الأخيرة المتعاقبة تأخر تشكيلها طويلاً بسبب توزير الصهر الذي رسب مرتين في الانتخابات النيابية… وليس توزيره فحسب بل إعطاؤه الحقيبة التي يريدها لنفسه والحقائب الأخرى التي يريدها لحزبه.

 

وهل يفوت الرئيس عون أنّ جبران كان أفشل وزير في الحقائب كافة التي شغلها خصوصاً في وزارة الطاقة ووعوده العرقوبية بتوفير التيار الكهربائي ٢٤ على ٢٤… والحال كما هي اليوم من أنّ أبرز أسباب انتفاضة الشعب حاجة الناس الى الكهرباء.

 

أمّا في وزارة الخارجية فحدث ولا حرج، بعدما حوّل هذه الوزارة المهمة الى إحدى الخلايا الحزبية لـ»التيار الوطني الحر»… وبعدما كلّف الدولة أموالاً طائلة على رحلاته السندبادية والتي نتيجتها الوحيدة عزل لبنان عن محيطه وعن العالم كله تقريباً…

 

الشعب قال كلمته، والشعب صادق، ومتألم، ويعاني، انها المرة الأولى في تاريخ لبنان وصلت هذه التظاهرات الى أرقام خيالية، إذ لم يكن هناك (لا من حيث عدد المتظاهرين ولا من حيث عدد الأيام مثيل لما نراه اليوم) وفيها جميع أطياف المجتمع اللبناني.

 

وهنا لا بد من تذكير المسؤولين بدراسة مبنية على الأرقام… ما هي هذه الأرقام؟

 

تقول الدراسة إنّ ٦٣٪ من الشعب اللبناني تحت سن الـ٣٠ سنة و٤٠٪ من هؤلاء تحت سن الـ١٦ سنة.

 

وهذا يعني أنّ بين الجمهور اللبناني هوة سحيقة بينه وبين جميع المسؤولين، لذلك فالمعالجة لا تكون بالأساليب التقليدية.

 

فما يحصل منذ ٢٩ يوماً هي ثورة تختلف عن الثورات كلها لأنها للمرة الأولى ألغت الطائفية كما ألغت الأحزاب، ولم يرفع فيها علم لـ»المستقبل»، لـ»حزب الله»، لـ»التيار الوطني الحر»، لـ»القوات»، لـ»المردة»، لـ»حركة أمل» لحزب التوحيد العربي بالإذن من الاستاذ وئام وهّاب (الخ…).

 

أخيراً، هناك فرصة أمام المسؤولين جميعاً ليتحملوا مسؤولياتهم وليستوعبوا هذا الحراك… فلا بد من أن يصلوا الى الهدف المنشود، ونحذر بأنه عكس ذلك سيكون ما حدث في مثلث خلدة وجل الديب.