في وقت ينتظر الجميع في الداخل والخارج نتائج المفاوضات الايرانية – الأميركية التي ستتضِح أكثر في النصف الأول من آذار، تستمر المراوحة في لبنان على وقع التعثّر الحكومي والفراغ الرئاسي المرشّح للتمديد إلى آجال غير محددة.
آخر ما سمع في بيروت عن المفاوضات الاميركية – الايرانية، قاله ديبلوماسي أميركي رفيع لزوّاره، رَجّح فيه التوصّل إلى اتفاق في نهاية المفاوضات.
وآخر ما يتمّ تداوله على لسان ديبلوماسيين غربيين، تأكيدهم أنّ ادارة الرئيس باراك اوباما، وكما بات معروفاً، تسعى الى إنجاز هذا الاتفاق، على رغم معارضة اليمين الاسرائيلي الذي بدأ يمارس ضغطاً على الإدارة الاميركية، لعدم توقيع أيّ اتفاق، لا يؤدي الى قطع الطريق نهائياً
وبنحو لا لبس فيه على الملف النووي الإيراني، مع إبقاء سيف العقوبات، وضمان التنفيذ والمراقبة.
أحداث كبيرة سيشهدها آذار، أبرزها الانتخابات الاسرائيلية، وكلمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الكونغرس الاميركي، واحتمال توقيع اتفاق الملف النووي، ولهذا الاحتمال أهمية كبرى لجهة التوقيت، فهل سيحصل قبل الانتخابات الاسرائيلية أم بعدها؟ وما هو تأثيره في نتائج الانتخابات؟
على وقع هذا المسار الدولي المشبع بالتطورات، يستمرّ الواقع اللبناني أسيراً للفراغ المقنّع، ولا يبدو أحد مستعجلاً الجلوس الى الطاولة لانتخاب رئيس للجمهورية. ينقل عن «حزب الله» مزيد من التفاؤل بحتمية توقيع اتفاق إيراني – أميركي، مع ما يعنيه من وجهة نظر هذا الفريق، من نتائج على مستوى المنطقة ولبنان.
يعتبر هذا الفريق أنّ إدارة أوباما مصمّمة على إنجاز هذا الاتفاق، يبدو ذلك واضحاً من ردّ فِعل الادارة الاميركية اللامبالي تجاه التوسّع الايراني في اليمن، واستمرار دعم النظام السوري، والتعاون الجاري في العراق في مواجهة «داعش».
كلها مؤشرات تمهيدية تدلّ الى وجود تفاهم أميركي – إيراني سيتخطى الاتفاق على الملف النووي، ليصِل الى حد رسم الأدوار والتوازنات في المنطقة، بما يعني الاعتراف بموقع ايران ونفوذها في سوريا واليمن والعراق ولبنان.
قبل ظهور نتائج هذه المفاوضات سلباً أم ايجاباً لا يُتوَقّع لبنانياً، أن تتغير المعادلة الداخلية في اتجاه انفراج رئاسي. الواضح حسب مراجع سياسية أنّ التعطيل مستمر حتى إشعار آخر، من دون ان تتغير حسابات الاطراف الأساسيين. في معلومات هذه المراجع أنّ «حزب الله» مستمر في تأييد ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة، وربما لا يتغيّر في المدى القريب.
وينقل عن نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم تطمينه للعونيين قائلاً لهم: «لقد سحبنا لقمة الرئاسة من فم العماد عون في اللحظة الأخيرة عام 2008، ولسنا مستعدين أن نكرر ذلك اليوم».
عملياً، لا يوجد في حسابات «حزب الله» المصلحية ما يخالف هذا الالتزام. فالحزب شكّل حكومة مع تيار «المستقبل» قبل حلول الفراغ، تفادياً لعدم مسّ الاستقرار الأمني، فيما هو يقاتل في سوريا. أمّا عن الرئاسة فلا مشكلة لديه في انتظار الفراغ لأشهر وسنوات، طالما أنّ حليفه المسيحي يتصدر واجهة الفراغ، ويصرّ على الاستمرار، ولو كَلّف ذلك مزيداً من إضعاف موقع الرئاسة.
في الخيار بين الاتفاق مع «المستقبل» على اسم رئيس، أو الوقوف خلف عون في إصراره على أن يكون الرئيس، يفضّل «حزب الله» الخيار الثاني، الذي يؤمن استمرار تحالفه مع عون المستعد لتغطية كلّ ما يقوم به في لبنان وسوريا.
لكلّ هذه الاسباب يستمر الجميع في تعبئة الوقت الضائع بالحوار، سواء السنّي – الشيعي الذي يؤمّن بقاء الاستقرار ولو بحَدّه الأدنى، او المسيحي – المسيحي، الذي بات يرواح مكانه لعدم القدرة على الوصول الى اتفاق، يعرف طرفاه أنه مستحيل في ظلّ الاختلاف الكبير في التوجهات والخيارات.