كلُّ الإستحقاقات اللبنانية والعربية والدولية باتت عالقة في عنق الزجاجة:
من الإنتخابات الرئاسية في لبنان إلى مفاوضات النووي في لوزان، إلى الحرب الخليجية والتحالف العربي ضد الحوثيين في اليمن، إلى التحولات الدراماتيكية في سوريا لجهة سيطرة المعارضة على كل المعابر البرية بين سوريا والدول المجاورة، إلى رفع الحظر الاميركي عن إرسال الأسلحة إلى مصر، فماذا بعد ازدحام هذه الملفات في عنق الزجاجة، وهل نحن أمام الإنفراج الكبير أم أمام الإنفجار الكبير؟
من خلال القراءة المعمَّقة لكلِّ هذه الإستحقاقات، فإنَّ بالإمكان الحديث عن المؤشرات التالية:
المؤشِّر الأول أنَّ إستحقاق إنتخابات الرئاسة أصبح أثراً بعد عين فلا إنتخابات ولا مَن يَنتخبون، طالما أن الجميع يُسلِّمون بسطوة الخارج على الداخل.
المؤشِّر الثاني أنَّ الحكومة قادرة على الإيجاز حين تُقرر، وقادرة على المراوحة حين تعتمد المراوحة. أصدقُ دليلٍ على ذلك أنها أقدمت في جلستها الأخيرة على التعيين، وقد شمل أحد المواقع البارزة والحساسة، وهو الأمين العام لمجلس الوزراء فؤاد فليفل خلفاً للأمين العام السابق سهيل بوجي. أهمية الخطوة أنَّها عيَّنت الرجل المناسب في المكان المناسب، كما ان القاضي بوجي هو من القلائل الذين يتركون أثراً في السراي.
وتأسيساً على ما تقدَّم، فهل ستواصل الحكومة هذه الخطوات النوعية أم أنَّها ستترك كلَّ الإستحقاقات المتبقية على حالها؟
ليس في الأُفق ما يشير إلى أنَّها ستُقدِم للأسباب التالية:
السبب الأول أنَّ هذه الحكومة بالذات تعتمد منطق التسويات ولو على حساب الدستور، ففي الأساس خالفت الدستور حين اشترطت على نفسها الإجماع في كلِّ القرارات التي يُفتَرَض أن تتخذها إما بالأكثرية المطلقة وإما بأكثرية الثلثين، واليوم عادت إلى تسوية هي منزلة بين المنزلتين، وغداً في الجلسات اللاحقة لا يُعرَف ما هي المفاجآت التي ستُتحفنا بها.
لكن عنق الزجاجة الأكبر سيكون في الخارج، وما على لبنان سوى الإنتظار وسوى تحصين نفسه من العواصف المرتقبة الآتية حتماً على المنطقة والتي سيتأثر فيها. فهل نبقى ننتظر العواصف أم نبادِر؟
قلناها، ويقولها معنا كبار القادة والمراجع الوطنيون والروحيون:
البداية تكون بإنتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية، وما دون ذلك سيبقى الدوران في الحلقة المفرغة من دون تحديد مهلة زمنية لهذا الدوران.
والسؤال الكبير الذي يطرح نفسه هو:
هل دخل لبنان عملياً في مرحلة الخطر على مصيره؟
النظام ليس في خطر، فهو في الأساس هش.
الإدارة ليست في خطر، فهي في الأساس غير قائمة على أسس صحيحة.
القوانين ليست في خطر، فهي في الأساس لا تُطبَّق.
الذي في خطر هو الوطن في حدِّ ذاته، أما الأمور الباقية فتُعوَّض فيما الوطن لا يُعوَّض.