الرئيس تمام سلام يكرر الاعتراف بأن حكومته عاجزة وفاشلة وسيئة. لكنه محكوم، في غياب رئيس للجمهورية، بالاستمرار في تحمل المسؤولية من دون القدرة على فعل ما تفرضه المسؤولية حيال هموم اللبنانيين واهتمامات لبنان. ما يشكو منه هو ان الدولة مستضعفة وهيبتها مستباحة وقرارها مخطوف. وما يدعو اليه هو صحوة وطنية كي لا تكون حكومتنا آخر الحكومات ومجلسنا النيابي آخر مجالس التشريع في الجمهورية اللبنانية. فما الذي يمكن أن يقوله أكثر من ذلك رئيس حكومة لكي تسارع التركيبة السياسية لبدء الخروج من هذا الوضع المزري والخطر والخطير بفتح الباب امام انتخاب رئيس للجمهورية؟ وما الذي يجب ان نراه أكثر مما رأينا وأن نسمعه أكثر مما سمعنا، لكي نقطع الشك باليقين في أن العجز منظّم والفشل منهجي والسوء محمي؟
الواقع ناطق. نطلب رغيف خبز، فيقال لنا سوف نعطيكم القمر، على حد التعبير الشائع في العالم. نريد قانون انتخاب، فيقال لنا بعد سنوات من الدرس والنقاش والخلاف على القانون ان الحكمة تقضي بانتظار الرئيس كي يكون له رأي في القانون، وان الافضل هو مجيء القانون ضمن سلة متكاملة تحوي التفاهم على تجاوز الطائفية السياسية وانشاء مجلس شيوخ واقرار اللامركزية الادارية وتطبيق كل ما بقي من الطائف. ونستعجل ملء الشغور الرئاسي بعدما دخل عامه الثالث، فيقال لنا: ان الحاجة صارت ماسة الى ملء فراغ الجمهورية واصلاحها في مؤتمر تأسيسي ينقلنا من اعادة تكوين السلطة الى اعادة تكوين النظام، أي الخروج على الطائف عملياً، وسط خطاب البقاء تحت سقفه.
ولا شيء من ذلك يتحقق. لا المطالب البسيطة. ولا السلة المملوءة بالوعود الكبيرة. لكن الانهيارات تتوالى. والأخطار تكبر. وسرقة المال العام تصبح مألوفة. ولا مكان للخجل لدى كثيرين في التركيبة السياسية من ممارسة الوقاحة والغطرسة مع اللبنانيين والانبطاح أمام القوى الاقليمية.
وكلما عاد سياسي من الخارج أو التقى بسفير لدولة ما هنا أخبرنا أن لبنان ليس على شاشات الرادار الاقليمية والدولية. وهذا يجب أن يكون خبراً جيداً لا سيئاً، لأن البلدان التي تحتل شاشات الرادار هي مسارح الحروب مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا والتي لا أحد يعرف متى تخرج من حروبها وكيف. والسؤال هو: هل يجب أن يكون لبنان على سلّم الأولويات الاقليمية والدولية لكي يكون له رئيس؟ ماذا عن سلّم الأولويات اللبنانية؟ وما قيمة أو معنى التركيبة السياسية اذا كان كل دورها هو انتظار ما تنتهي اليه حرب سوريا وصراعات المحاور الاقليمية لكي يهبط الوحي عليها وتذهب الى انتخاب رئيس؟