نعرف عن الهوى أنه غلاّب عادة. إنما الهوى في لبنان سياسي مئة في المئة. وغلاّب وقلاّب، مع طنَّة ورنَّة.
في الصباحات، مثلاً، الحكومة منتشرة ما بين السرايا والوزارات والاستقبالات، ولا يجوز أن ننسى الأسفار… وملاحقة القضايا الدوليَّة في ديارها، وقبل أن تبرد.
في ما عدا ذلك كل شيء على ما يرام، سيدتي المركيزة. فحال الحكومة وتعثّراتها المتتابعة من حال البلد. كل عمرك يا زبيبي…
وإتقان بعض الوزراء اصطياد المناسبات ليس ابن البارحة، ولا من العجائب السبع. الفراغ الرئاسي جديد على لبنان وشعوبه، جديد حقاً. كذلك التعطيل المتواصل لجلسات مجلس الوزراء ومجلس النواب والمجالس بالأمانات، هذا الأمر جديد بدوره وبنتائجه المرضية التي تعود على البلد والشعوب بالترياق وما فوق.
ثمة وزراء لا يدعون فرصة تفوتهم، فيما آخرون لا في العير ولا في النفير. وزير الخارجيَّة جبران باسيل، على سبيل المثال، يتروَّق في الصين ويتعشى في بريطانيا ويكمل السهرة في باريس. هذا ما يسمّونه عادة التفوّق على الذات، أو الحيويَّة المدعَّمة بالغيرة واللهفة على المصلحة الوطنية العليا، مقيمة ومغتربة.
الشيء الآخر لا بد من الاستعانة بيوم قتل بُزُرْجُمَهْر لتوضيح جوانبه. نعرف أن الشاعر قال في ذلك اليوم المشهود: ما كانت الحسناء ترفع سترها لو أن في هذي الجموع رجالا.
يوم قَتْل بُزُرْجُمَهْر لا يختلف كثيراً عن أيَّام قتل لبنان، والجموع الخالية من الرجال الرجال، وتلك الحسناء التي حتماً سترفع سترها غضباً من أشباه الرجال.
الأسفار لا تقتصر على جبران باسيل. فثمة وزراء يعتبرون أنفسهم فوق الحكومة التي لا تزال محاصرة بملف الزبالة و”أسرار” هذا الملف. وما خلف الزبالة وفوقها وتحتها. زبالة بكثافة و”مساواة” على مدِّ العين والنظر.
ولا ننسى حال جبال الزبالة التي باتت بدورها تتهيّأ لاستقبال المتزلجين من هواة ومحترفين، مع إتاحة المجال للأولاد للتراشق بكوكتيلات من ثلج مشكَّل ومزيَّن بألف لون ورائحة ومنظر…
ثم، لِمَ الاستغراب والدهشة؟ الحكومة شبه معطَّلة منذ تأليفها ونيلها الثقة تقريباً، بل هي في وضع تعطيلي منذ كانت، وعن سابق تصوّر وتصميم، ومن لدُن أولئك الذين يعطّلون الاستحقاق الرئاسي منذ عشرين شهراً.
إذاً، لماذا نسائل الوزراء الذين يتحمّلون أعباء الواجبات الوزارية على أكمل وجه، من تفقّد للمناطق والمرافق، الى استقبال الزائرين النادرين، من دون إهمال أعباء السفر ورحلاته الطويلة من أجل لبنان، ومصلحته، وعزَّته، وازدهاره… وبكل تضحية؟
في ما عدا ذلك. ما من حسناء تقتحم حفل المقتلة وترفع سترها وما تيسَّر…