Site icon IMLebanon

كل شيء «مجمَّد» ولا مخــــرج لأيّ مأزق قبل 6 أيار

 

كلّ التطوّرات تُعزّز الاقتناع بأنّ الضجيج القائم اليوم، والذي فرَز اللبنانيّين في المواجهة بين نظريّتي الحاجة الى توقيع وزير المال على مرسوم ضباط دورة الـ 1994 أو عدمه، وما تفرّع منها، وما نما على جانبَيها وما يمكن أن تأتي به الأيام المقبلة من مفاجآت، لن يثمر شيئاً قبل 6 أيار. فليس هناك ما يُوحي بوجود أيِّ مخرج لأيِّ مأزق. فكيف ولماذا؟

من اليوم وحتى فتْح صناديق الإقتراع في بلاد الإغتراب في 27 نيسان المقبل، وفي لبنان في 6 أيار، تتلاحق المواعيد البارزة على الأجندة السياسية في الداخل والخارج، عدا عن الإستحقاقات الإقليمية والدوليّة المنتظرة التي ستترك آثارها على الساحة الداخلية بما لها من ارتدادات قد تكون عابرة أو قد تؤثر في الكثير من اللبنانيين الذين يستعدّون للإنتخابات النيابية على أساس أنها محطة تاريخية يعلّقون عليها أهمية بالغة الى حدّ القول إنّ ما بعد 6 أيار لن يكون كما قبله على كل المستويات.

وقياساً على حجم الملفات المطروحة، تبدو الحاجة ماسة الى تجاهل الكثير من المواقف والسياسات المحلية التي تُعزّز الفرز السياسي والحزبي الذي يريده البعض لحشد الطاقات على أبواب الإنتخابات النيابية.

ولكل ذلك ما يُبرِّره مع اقتراب موعد دخول البلاد في 6 شباط المقبل مهلة التسعين يوماً الفاصلة عن موعد الإنتخاب والتي يفرض توجيه الدعوة من ضمنها الى الهيئات الناخبة، بعدما أقرّ الجميع بأنّ هذه المهل لا تُحتسب إلّا وفق الموعد الأساسي للإنتخابات في 6 أيار وليس على اساس المواعيد الفرعية الأخرى المرتبطة بإجراء الإنتخابات في الإغتراب.

علماً أنّ ما قال به القانون الجديد للإنتخاب لجهة «الصوت التفضيلي» قد اعطى الإنتخابات في الخارج أهمية لا تقلّ شأناً عن الداخل، ذلك أنّ بعض صناديق الخارج التي سينتخب فيها أكثر من 90 الف لبناني، قد تهدي الفوز لبعض المرشحين في دوائر ستكون المنافسة فيها قائمة على مئات من الأصوات التفضيلية وربما العشرات منها.

وعليه، هناك مَن يحسم بأنه لن تمرّ مناسبة في الفترة الفاصلة عن مواعيد فتح صناديق الإقتراع من دون المزيد من المناكفات الداخلية التي ستواكب المراحل والمحطات الإنتخابية على أهميّتها بالنسبة الى بعض المرشحين الساعين الى تأليب الناخبين وكسب ودهم.

فالمحطة الأولى المقرَّرة إيذاناً بافتتاح الحملات الانتخابية واستناداً الى القانون الجديد، ستنطلق في 5 شباط المقبل تاريخ فتح باب الترشيح في وزارة الداخلية رسمياً لتسجيل اسماء المرشحين ضمن اللوائح والتي تمتدّ شهراً كاملاً حتى 7 آذار حيث سيقفل باب الترشيح. وستندفع الماكينات الإنتخابية بعدّتها الكاملة، وببرامجها المكثفة الى التعبئة الإنتخابية وهو ما يجعل الملفات المطروحة مادة دسمة بالنسبة الى المعارضة أو الى أهل الحكم على السواء.

وهي عملية، يُتوقع أن تتّسم بدينامية «خاطفة للأنفاس» كما يقول مسؤولو بعض الماكينات الإنتخابية الذين أعدّوا العدة لبرامجهم وشعاراتهم لمرحلة بالغة الدقة، ستشكّل مساحةً لاستغلال أيّ حركة أو موقف من القضايا الشائكة المطروحة وتلك التي ستظهر قريباً، ولفترة تمتدّ الى 22 آذار، هي مهلة العودة عن الترشيحات، ولا تكتمل فصولها إلّا في مهلة 27 آذار، لحظة الإعلان النهائي عن اللوائح الانتخابية التي ستخوض الإنتخابات.

توازياً، هناك استحقاقات ستكون لها انعكاساتها على لبنان واللبنانيين، ففي 3 شباط المقبل منازلة على الساحة الأفريقية الإغترابية بين حركة «أمل» و«التيار الوطني الحر» مسرحها «مؤتمر الطاقة الإغترابية» في ساحل العاج، لجهة إمكان أن يشهد مقاطعة اغترابية شيعية أو حضوراً من اجل المنازلة الكبرى بين الطرفين قد تنعكس نتائجها على الإنتخابات في بعض المدن الأفريقية وربما عادت بتردّداتها الى الداخل اللبناني.

وفي 28 شباط من المفترض أن تسعى الحكومة اللبنانية ومعها اهل السلطة لتكون موحَّدة الموقف في مؤتمر «روما 2» المخصّص لدعم الجيش والمؤسسات الأمنية، وإذا استمرّت المواجهة بين الكتل الوزارية داخل الحكومة قد تنعكس على المؤتمر والتوجّهات الدولية لدعم لبنان.

وكل ذلك يجري على وقع التحضيرات لاستقبال الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون عشية مؤتمر «باريس 4» المخصّص لدعم الإقتصاد اللبناني وفي ورقة الـ 16 مليار دولار التي اقتربت الحكومة من إنجازها.

وما بينهما مؤتمر «بروكسل 2» لدعم لبنان في مواجهة أزمة النازحين واللاجئين والذي سيكون محطّ اهتمام في زيارة الرئيس الألماني الى بيروت نهاية الشهر الجاري.

والى هذه المحطات الداخلية، هناك استحقاقات إقليمية ودولية لا يمكن تجاهل تأثيراتها على الداخل. فإلى «مؤتمر شعوب سوريا» في سوتشي المنتظر نهاية الشهر الجاري، والحراك ما بين جنيف وآستانة وأنقرة وطهران وموسكو، هناك تحضيراتٌ للقمّة العربية الدورية السنوية المقرَّرة في آذار المقبل، وقبلها على اللبنانيين أن يتابعوا الحراك الخليجي الخاص بأزمة اليمن وصواريخ الحوثيين في اتّجاه المملكة العربية السعودية وانعكاساتها على لبنان.

إضافة إلى العملية التركية في عفرين ومن بعدها في منبج، وما يرافق الإنتخابات النيابية في العراق والتي تتزامن مع انتخابات لبنان بفارق أيام، عدا عن الإنتخابات المصرية.

قد يسأل البعض عن العلاقة بين ما يشهده العالم من تطوّرات دراماتيكية ومتغيّرات جذرية والتحضيرات للانتخابات النيابية والخلافات على مراسيم الأقدمية والترقية، والتي أُضيفت اليها مراسيم نقل الكلية المخصّصة «للعلوم البحرية» من ساحل عكار الى «دائرة البترون الإنتخابية» للوزير جبران باسيل، ومرسوم تعيين مفتشين تربويين ومفتش مالي من خارج جدول الأعمال بعد مغادرة وزيرَي المال والتربية جلسة مجلس الوزراء الخميس الماضي واللذين يشكلان رأس الحربة في مواجهة اقتراح باسيل لتمديد تسجيل المغتربين في الخارج.

ليأتي الجواب: قد يكون السؤال مستغرباً ومثيراً للسخرية، لو أنّ الأمور تجري في لبنان وفق ما تمليه المصلحة اللبنانية الداخلية وما تقول به سياسة «النأي بالنفس» بإبعاد لبنان عن الهموم الخارجية بدلاً من استدعائها الى الداخل. وهو ما سيؤدّي الى تجميد كل المشاريع الداخلية، فلا مخرج لأيِّ مأزق قبل 6 أيار.

والى أن تأتي الإنتخابات وما بعدها سيبقى كل شيء في علم الغيب، فالحديث يتنامى عن «لبنان جديد» على وقع معادلات وموازين قوى جديدة عسى أن تكون لخير لبنان واللبنانيين.