Site icon IMLebanon

إلاّ الصوم والصلاة  

 

ينذر مسار التطورات بأن تشكيل الحكومة لم يعد وارداً في شهر أيلول الجاري، ليس فقط بـ«فضل» العقد المتداولة والثابتة، إنما أيضاً بسبب إستحقاقات والتزامات في الخارج للرئيس العماد ميشال عون، وأولها اليوم في مقر البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، حيث سيلقي كلمة مهمة أمام هذا الحفل الدولي الكبير… ثم سيكون أمام رئيس الجمهورية أن يقوم بزيارتين إحداهما الى العاصمة الأرمينية يريڤان والثانية الى نيويورك حيث سيترأس الوفد اللبناني الى أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السنوية، ويلقي هناك خطاباً يدعو فيه الى دعم طلب لبنان تحويل بيروت عاصمة للحوار بين الثقافات والأديان.

 

ويذهب البعض الى إعتبار التأليف في إجازة قد تطول الى شهر كانون الأول المقبل إلاّ إذا حدثت الأعجوبة، إذ إنّ عملية التأليف لم ينفع فيها إلاّ الصوم والصلاة. أمّا ما هي الأعجوبة وكيف تترجم؟ فبواحد من إثنين إما بنزول «الوحي» على المتصارعين في حلبة التأليف، وإما بقرار ذاتي من طرف أو إثنين منهم فتكون هنا «تنازلات» حقيقية لا وهمية. مع تحفظنا عن كلمة تنازلات، لأنّ أياً منهم لا يملك لكي يتنازل. وكما كتبنا هنا قبلاً: هل إتصلت بهم الوزارات والحقائب بالوراثة القانونية؟ وهل يملكون «صكوكاً» فيها؟!.

بالنسبة الى «هبوط الوحي» فهذا يفترض أن يأتي من «آلهة» الخارج الى إتباعهم في الداخل. وهذا مستبعد في هذه المرحلة على الأقل كون أولئك «الآلهة» منصرفين عنّا الى همومهم ومشاكلهم… وما أكثرها! وأمّا «التنازل» فيبدو  إن فضيلة التواضع، وفضيلة الشبع والإكتفاء، وفضيلة «القناعة كنزُ لا يفنى»… يبدو أن هذه الفضائل قد تبخّرت مع سقوط سلّم القِيَم في هذا الوطن.

ثم يزيد في العرقلة ما درجنا على تقبّله في هذا الزمن الرديء من تقسيم الوزارات الى سيادية ودسمة وعادية! وهذه بدعة لا يوازيها شناعة سوى إحتكار الحقائب الوزارية طائفياً! والأسوأ إحتكارها لأطراف وأحزاب بعينها داخل الطائفة!

ولو عدنا الى وقائع تشكيل الحكومات في السابق، قبل الطائف لتبين لنا أنّ النظرة الى الوزارات لم تكن تحمل تمييزاً.

إذ إن صوت الوزير في مجلس الوزراء مساو لصوت زميله، مهما كانت الحقيبة، وحتى وزارة الدولة… ولتبين لنا كذلك أنّ الوزارات لم تكن وقفاً على الطوائف أو المذاهب أو الأحزاب… وهذا دليل على أنّ الجشع ضارب أطنابه في الزمن الحالي… وليس مصادفة الكلام على وزارات «دسمة»!.

وعلى حدّ علمنا أنّ دولاً إقليمية أو بعيدة كانت تحدّد موقفها من تشكيل الحكومات… فتفرض هذا وترفض ذاك وتزكي ذلك وتضع «ڤيتو» على رابع… فهذه أيضاً بدعة من بدع هذا الزمن الرديء الذي نكبنا فيه بجيل من القادة والزعماء الهجينين.