من المعروف عن رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط امتلاكه لحاسة يسميها البعض سادسة فيما يعتبرها البعض حنكة سياسية تلتقط الحدث قبل وقوعه وتبني المواقف على اساسها.
وآخر ما اعلنه جنبلاط هو تحذيره من عودة النفوذ السوري الى لبنان او الهيمنة السورية لتطويع هذا البلد.
والارجح ان موقفه يستند الى الانباء التي افادت عن تقدم عسكري للجيش السوري مدعوما بغارات السوخوي وبأي حال، فإن التقدم المذكور ورقة يراهن عليها فريق 8 اذار.
لقد ربط حزب الله انتخابات رئاسة الجمهورية بالوضع الاقليمي وخاصة السوري وتلك هي مسلمة يعرفها الجميع والتي تفسر مقاطعة 8 اذار لكل جلسات انتخاب الرئيس والتي ستستمر الى حين جلاء الوضع في سوريا.
انتخابات رئاسة الجمهورية والوضع الاقليمي
ليس صحيحا ان انتخابات رئاسة الجمهورية غير مرتبطة بالتطورات في الوضع الاقليمي فهي مرهونة به لكن الخلاف مع الفريق الاخر ينحصر في نقطة جوهرية او بجواب على السؤال الاتي: هل تعود سوريا الى لبنان وفي حال عودتها ماذا سيحصل؟
عسكريا هذه العودة مستحيلة فالنظام السوري يحتاج الى سنوات كي يرمم الخراب هذا اذا استمر في الحكم كما كان قبل اندلاع الاحداث كما ان الوضع الدولي غير مناسب ابدا لهذه العودة مع ملاحظة بديهية هي قدرة الجيش اللبناني الذي تعاظمت قوته عن السابق.
العودة السياسية
واذا كانت العودة العسكرية السورية مستحيلة فان العودة السياسية لا تبدو كذلك، وهي موجودة اصلا على قوى 8 اذار وتحديدا حزب الله الحليف الرئيسي لنظام الرئيس السوري بشار الاسد. ويمثل ترشيح زعيم تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون احد تعابير هذا النفوذ.
لكن عدم فوزه ودخوله الى قصر بعبدا يؤشر الى وجود قوى اخرى مقابلة تتصدى للتقدم السوري في لبنان للحظة حققت القوى الممانعة للعودة السياسية السورية او للوصاية السورية على الحكم اذا صح التعبير خطوات ملحوظة لناحية تدعيم الاتجاه الاستقلالي الذي عبر عنه الرئيس السابق ميشال سليمان بيد ان خطواتها لم تكن مكتملة. خرج منها الحزب التقدمي الاشتراكي في بضعة مواقف سياسية، كما شهدت خروج رئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع عن اجماعها عندما ايد ترشيح عون لرئاسة الجمهورية.
الا ان الرجلين بقيا ضمن الخط الديموقراطي لـ 14 اذار وبقيا متمسكين باستقلال لبنان وسيادته وبالسلم الاهلي والعمل لبناء دولة تحفظ مؤسساتها وتقديم كل الدعم الممكن للجيش اللبناني باعتباره القوة الشرعية المسلحة والوحيدة.
يلاحظ ايضا ان قوى 14 اذار شكلت المجلس الوطني كاطار ديموقراطي يجمع الانصار ويقودهم وفق برنامج محدد ومعين وحتى الان من غير المفهوم تأخر انطلاقته رغم مرور احداث كبيرة ومعينة.
ذكرى 14 شباط
بأي حال تطل على لبنان ذكرى 14 شباط وهو اليوم المشؤوم الذي اغتيل فيه الرئيس الراحل رفيق الحريري.
هذه الذكرى اليوم هامة، ومحطة اساسية لتجديد العهد الذي قطعته قوى 14 اذار على نفسها ومناسبة جديدة لتأكيد رفض الاغتيال السياسي او الوصاية من اي جهة اتت.
من الضروري جدا تحويل هذه الذكرى الى مناسبة يشارك فيها اكبر عدد ممكن من الشخصيات والمواطنين تأكيدا على شعارات 14 اذار التي ستبقى كما هي، مهما كانت تطورات الوضع الاقليمي ولحظة استباقية ترفض تطويع لبنان كما سبق وقال جنبلاط.