IMLebanon

إجتماع إستثنائي في بكركي اليوم… طارت الجلسة الحكومية التربوية؟

 

يشهد الصرح البطريركي في بكركي، عند التاسعة والنصف صباح اليوم، اجتماعاً استثنائياً لأعضاء مجلس البطاركة، والأساقفة الكاثوليك ورؤساء الطوائف المسيحية والإسلامية، بهدف «توحيد الموقف بين المدارس الخاصة بشأن تطبيق قانون سلسلة الرتب والرواتب للأساتذة»، وفق ما أوضَحته مصادر بكركي لـ«الجمهورية»، «فالكاردينال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي ينظر إلى الأزمة التربوية كقضية وطنية لا يمكن التساهل بها»، وفق المصدر نفسِه. فيما واصَل أمس وفدٌ من اتّحاد المؤسّسات التربوية جولته على رؤساء الطوائف، حاملاً الأزمة التربوية إلى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وإلى شيخ عقل طائفة الموحّدين الدروز الشيخ نعيم حسن.

لملمَ كانون الثاني أيامه، وودّع اللبنانيون الشهرَ الأوّل من السنة في ظروف لا يُحسَدون عليها، فيما موعد انعقاد الجلسة الحكومية التربوية رهنُ التوقّعات وتضاربِ التحليلات حول المرحلة المقبلة.

والسؤال الذي وحَّد المكوّنات التربوية (أساتذة، أهالي ومدارس)، على رغم اختلاف مطالبهم وتضاربِ مصالحهم، «هل طارت الجلسة التربوية؟».

كواليس اجتماع اليوم

تُشكّل الأزمة التربوية الطبَق الوحيد على طاولة رؤساء الطوائف واتّحاد المؤسسات التربوية الخاصة، الذين سيجتمعون اليوم لرفعِ الصوت عالياً حيالَ وصولِهم إلى حائط مسدود تربوياً.

عن كواليس هذا اللقاء، تُوضح مصادر بكركي لـ«الجمهورية»: «الأطراف المدعوّة يشكون من المشكلة نفسِها، فقد أعربوا عن تعذّرِهم تطبيقَ القانون 46، لذا وجَدت بكركي أنّه لا بدّ مِن توحيد الصوت والإعلان بشكل جماعي عن الموقف نفسِه، بهذه الطريقة يضعون الدولة أمام مسؤولياتها».

ولا تُخفي المصادر تخوّفَها من تأخّرِ انعقاد الجلسة الحكومية التربوية، قائلةً: «ما نمرُّ به من ظروف في الآونة الأخيرة ومن احتقان، أخّرَ انعقاد الجلسة، ولكنّ هذا لا يعني أنّ الحكومة متعثّرة، لذا المسألة قد تأخذ مزيداً من الوقت».

الراعي حريص

وتؤكّد المصادر حِرصَ الراعي على إبقاء الأزمة التربوية على طاولة المعالجة رغبةً في التوصّل إلى حلّ، فتقول: «لا يترك غبطته فرصةً إلّا ويَطرح فيها المشكلة ويَرفع الصوتَ محاولاً الوصولَ إلى نتيجة مرضية لا تأتي على حساب أيّ من أطراف المكوّنات التربوية». وتضيف: «لو لم يكن الراعي حريصاً على القضية التربوية لَما بادرَ إلى الاجتماع الموسّع وإلى الدعوات المتكرّرة، وإلى صبِّ كلِّ الجهود في هذا المجال».

هذا ما يُعده «الاتحاد»

يحلُ إتحاد المؤسسات التربوية الخاصة رُكناً أساسياً على طاولة الاجتماع في بكركي، وفي هذا الإطار علمت «الجمهورية» أنه تم توزيع الأدوار بين المسؤولين في الاتحاد، ليتحدث كل طرف عن منحى معيّن من الأزمة التربوية المتشعّبة، كوضع المدرسة المجانية، إستحالة تطبيق الدرجات الستّ، إحتمال مواجهة أكثر من 3 آلاف أستاذ البطالة، ومدى قدرة إستيعاب المدارس الرسمية لطلاب الخاصة الهاربين من الأقساط الباهظة.

تغييب النقابة؟

في هذا الإطار، علمت «الجمهورية»، أنّه لم تتمّ دعوةُ نقابة المعلّمين إلى الاجتماع، ولدى سؤالنا عن السبب، تُجيب مصادر بكركي: «هناك اختلاف في الرأي بين الأساتذة وأصحاب المؤسّسات الذين لا ينكِرون حقوقَ هؤلاء، إلّا أنّهم عاجزون عن تلبيتها، لذا الغاية من الاجتماع توحيدُ صوتِ أصحاب المؤسّسات للخروج بقرارٍ موحَّد يُقدَّم إلى الدولة»، مضيفاً: «ما أقرّته الدولة في القانون 46 تعجَز إداراتُ المدارس عن توفيره، لذا فلتتفضّلْ وتتحمّلْ مسؤولياتها، فالأساتذة اليوم كمَن يَلحس المبرد، فإذا أُقفِلت المدارس غداً سيعانون البطالة».

حصيلة الجولة

وأمس، واصَل اتّحاد المؤسّسات التربوية جولتَه على المرجعيات الروحية للبحثِ في تداعيات الأزمة الناشئة على خلفية الجدل حولَ إمكانية تطبيق قانون سلسلة الرتب والرواتب في المدارس الخاصة. وعند العاشرة صباحاً، زار الوفد المفتي دريان في دار الفتوى، ناقلاً إليه معاناة أصحاب المدارس وما يُهدّد مصيرَ قطاع التعليم الخاص إزاء إقرار السلسلة.

دامَ اللقاء نحو 45 دقيقة، وفي هذا الإطار، قال الأمين العام لرابطة المدارس الإنجيلية نبيل قسطة: «بدأ اللقاء بمقدّمة مختصرة من منسّق الاتحاد الأب بطرس عازار عن القانون 46 وثغراتِه، وأسباب تعذّرِ تطبيقه، بعدها كانت مداخلة لرئيس جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية أمين الداعوق، إضافةً إلى مداخلات بعضِ الزملاء التي أجمَعَت على الهمِّ المشترَك».

وأضاف: «تمنَّينا على سماحته أن يرفع القضية التربوية وهواجسَنا من خلال علاقاته مع السياسيّين للتوصّل إلى حلّ، فنحن لسنا ضدّ الأهالي ولا ضدّ حقوق الأساتذة، ولكن بسبب القانون 46 وُضِعنا في مكان لا نُريده لا تجاه الأهل ولا أساتذتنا». هل وعدُكم المفتي بمبادرة قريبة؟ أجاب: «لم نَسمع بمبادرة قريبة فِعلية كأنْ يتّصل بوزير التربية مروان حمادة أو أن يستعجلَ المعنيّين لعقدِ الجلسة الحكومية التربوية، لكنّه وعَدنا خيراً».

مِن دار الفتوى

وبعد اللقاء تحدّثَ الأب عازار، باسمِ الوفد، فأوضَح: «قلنا لسماحته إنّه لا بدّ من أن تتدخّل المرجعيات الروحية والسياسية لحلِّ الأزمة الاجتماعية التي سبَّبها القانون 46 لهذه السنة وللسنوات الآتية»، مؤكّداً على «حقوق المعلّمين والأهل وعلى حقوق المؤسسات التربوية بالاستمرار»، ومطالِباً في الوقت عينه «الدولةَ اللبنانية بأن تتولّى هي تسديدَ كلِّ ما يتوجّب مِن القانون 46 للمعلّمين دعماً للأهل وحفاظاً على المدارس».

وردّاً على سؤال: «لماذا اللجوء إلى المراجع الروحية وليس إلى المواقع السياسية فقط؟»، أوضَح عازار: «المراجع الروحية هي مسؤولة في الدرجة الأولى عن مؤسّسات الوطن مِثلها مثل مؤسّسات الدولة، ولهذه المراجع الروحية مدارسُ أيضاً، والجميع إنْ كان معلّمين أو أهلاً أو مؤسّسات، هم أيضاً أبناء هذه المراجع الروحية، لذلك نلجأ إلى هذه المراجع، فالواحد يذهب عند أبيه، أليس كذلك؟».

بيت الطائفة الدرزية

وعند الحادية عشرة قبل الظهر، زار الوفد الشيخ نعيم حسن الذي أبدى تفهُّمه لمختلف الهواجس المطروحة، وأكّد أهمّية «الحوار في سبيل الوصول إلى ما يَحفظ المؤسسات ويُرضي جميعَ مكوّنات الأسرة التربوية»، معتبراً أنّ «على الدولة أن تأخذ في الاعتبار واقعَ المؤسّسات التربوية المنبثِقة عن الرهبانيات والجمعيات».

في هذا السياق قالت مدير عام العمليات في جمعية المقاصد عدلا شاتيلا لـ«الجمهورية»: «ركز النقاش على أهمية إما تعديل القانون أو تأمين التمويل اللازم لتطبيقه، ولا شك في أننا نتخوف من أن ينتهي العام الدراسي ونحن نراوح مكاننا، نظراً إلى تبدّل الأولويات يومياً نتيجة التطورات السياسية».

في الختام يبقى الرهان على ما يُمكن أن تخرج به جلسة بكركي اليوم رأفةً بمصير العائلات، التلاميذ والأساتذة والقطاع التربوي، المدماك المتبقي للإرتقاء بالوطن.